للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واصطناع يَدٍ عنده، وأي (يَدٍ)؟ بالتأجيل فقط طبعاً (لا بالتنازل) ثم ألاَ يرى تلك الحرية التي وسعت (موظفاً) (صرفاً) (خازناً) يلاحي الأمير، ويناصيه، ويغلظ له؟؟!! أية (ديمقراطية) هذه؟؟ ألاَ تهز أعطافه؟ ألاَ تُرَوِّعُهُ؟ ألاَ تُبْهِرُهُ؟.

ثم ألاَ يتبادر إلى الذهن أنَّ الحاجة، والفاقة هي التي ألجأت سعداً إلى الاستدانة؟؟ وهذا هو الواقع!! ففيم كان يستدين سعد في ذلك الوقت؟؟ وفي أي مجال كان ينفق فيه في ذلك الحين؟؟ فقد كانوا يعيشون عيش الكفاف!!

ثم لو مَدَّ بصره قليلاً لقرأ في الأسطر التالية بقية القصة، وكيف أنَّ سعداً لشدة ألمه من عنف عبد الله بن مسعود، وعدم رفقه وَتَأَنِّيهِ به - رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم رب السماوات والأرض ... فقاطعه عبد الله بن مسعود قائلاً: ويلك!! قُلْ خيراً ولا تلعن. وخاف أنْ يدعو سعدُ عليه، فقال سعدٌ عند ذلك: أما والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك!!! كلمات تقطر تقوى، وتندى بالحب والإخاء، ومواقف تنطق بالطهارة والتعفف.

ولو قرأ بقية الصفحة لوجد أنَّ الأمير الذي تولى بعد سعد على الكوفة مكث خمس سنين، وليس على داره باب!!! فأي ترف؟ وأي استدانة؟.

ولكن هكذا بهذا التحريف، وبهذا التزييف، استكره النص، واستنطقه ما لا ينطق به، وقال على الطبري ما لم يقل، وقلب الحسنات سيئات.

والأمثلة لا تنتهي، ولكننا نكتفي بنموذج آخر من كلام (فلوتن) في نفس الكتاب. في نفس الموضوع جاء في ص ٦٦: «ولقد أصابت الأسر المرموقة في الكوفة ثراءً، فاحشاً كان مصدره (المغانم) والأعطيات السنوية، فكان الكوفي إذا ما ذهب إلى الحرب، يصطحب معه أكثر من ألف من الجمل، عليها متاعه وخدمه» ثم نسب ذلك إلى " الطبري ": ٢/ ٨١٠٦ س ٨.

وعلى البديهة ترفض أنْ يكون هذا الكلام في " الطبري "، فنحن نعرف الطبري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إماماً ورعاً، مُؤَرِّخاً مُحَدِّثاً فَقِيهاً، أو على الأقل (عاقلاً

<<  <   >  >>