للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما تضييع العلم من قبل المسلمين، وإن كان المراد به علم الطب، فكانت الراية بأيديهم في أول الأمر، الطب عند المسلمين، وإن كان من كتب ترجمت من قبل غيرهم، بعضه ترجم وبعضه من خلال التجارب ثبت للمسلمين قبل غيرهم، واتجه السواد الأعظم للعلم الشرعي وهذا هو الأصل، لكن تعلم الطب، تعلم الهندسة، تعلم الزراعة، تعلم الصناعة، هذا كله داخل في قول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(٧٧) سورة القصص] لأن من يتعلم الطب وهدفه الدنيا، هذا مثل المزارع سواء بسواء لا يختلف عنه، لأنه تعلمه من أجل أن يكسب وكسب، وهو في هذه الحالة أفضل ممن يتعلم الدنيا من أجل الدين، وأسلم عاقبة، تعلم الطب للدنيا ما يلام، لا يأثم بهذا، لكن إذا تعلم العلم الشرعي من أجل الدنيا نسأل الله السلامة والعافية.

إن تعلم ليقال كان من الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، من تعلم من أجل الدنيا لا يرح رائحة الجنة، لا يتعلم الدين إلا من أجل الدنيا هذا لا يرح رائحة الجنة، هذا الأمر خطير، يبقى أن العلوم الأخرى -علوم الدنيا- إذا تعلمها بنية الدنيا لا شيء عليه، يبقى أنه إذا تعلمها بشيء من الإخلاص لله -جل وعلا-، ونية نفع الآخرين يؤجر على هذه النية، وثوابه عند الله -جل وعلا-، إذا كان قصدهم من تعلم الطب نفع الناس، وإعانتهم على تجاوز ما يبتلون به من أمراض، وكذلك المزارع، إذا كان قصده من زراعته، والصانع إذا كان قصده من صناعته أن ينفع الآخرين بما ينتجه حقله، أو بما ينتجه مصنعه يؤجر على قدر هذه النية، مع أنه لو محض نيته لأمر الدنيا، ما يلام ولا يضيره ذلك ولا إثم عليه، لأن هذا هو الأصل، لكن كون المسلم ينوي الخير في كل باب يطرقه هذا من توفيق الله -جل وعلا- له، من توفيق الله -جل وعلا- أن يستحضر النية الخالصة لله -جل وعلا-، في أمور الدنيا.