للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بضروب الحروب، أهلًا لقيادة الناس وقت الجهاد، عالماً، متبحراً في العلوم الدينية بوجه خاص» «١».

إِن هذا التركيز على الجانب السياسي من جوانب شخصية نشوان ذات الأبعاد المتعددة، يفضي بنا إِلى الحديث عن هذا البعد المهم من أبعاد شخصيته.

عاش نشوان في عصر كان اليمن فيه يزخر بفكرٍ ديني خصب ثري، ولكنه متنافر متصارع، تتنازعه اتجاهات سياسية عنيفة ومتصادمة.

[[الفرق السياسية في زمانه]]

ففي المنطقة التي عاش نشوان في وسطها الاجتماعي واتجاهاته- أي صنعاء وصعدة وأكنافهما- كان هنالك على الأقل خمس كتل سياسية بأنصبتها المتفاوتة من العلم والفكر الديني والسياسي.

أولها: كتلة التيار (الزيدي الهادوي)

الحاكم- ممثلًا في عصر نشوان بالإِمام أحمد بن سليمان «٢» -، وهو تيار يعتمد على فكر إِسلامي عميق، وغني، يجمع بين أصول المعتزلة، وفروع الحنفية، ويقول بوجوب الاجتهاد، ويجيز إِمامة المفضول مع وجود الأفضل، وذلك ليتجنَّب أتباعُه سب الصحابة، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان من ناحية، وليسهلوا أمور الأئمة في اليمن من ناحية ثانية، إِذ قد يكون الأفضل علماً في مرحلة ما، ليس هو الأقدر قيادة وحكماً وبطشاً، ومع ذلك فإِن هذا التيار يحصر حق الإِمامة في أحد أبناء البطنين الحسن والحسين، ويعمد إِلى تحقير اليمنيين، والغض من شأنهم، والتقليل من دورهم في نصرة الإِسلام ونشر رسالته، وقد لقي هذا الحصر معارضة فكرية وسياسية وقبلية منذ البداية، أما معارضته فكرياً بالعودة إِلى التاريخ،


(١) مقدمة (رسالة الحور العين) في (التعريف بالمؤلف) ص (٢٢).
(٢) كان المتوكل أحمد بن سليمان على قدرٍ من العلم، وأيده نشوان في بداية أمره، ولكنهما اختلفا فيما بعد كما سنبين، على أن الأمور لم تستتب لأحمد بن سليمان بل ظل في حروب وتنقل بين صعدة والجوف طوال عهده، انظر كتاب (تيارات معتزلة اليمن) للمؤلف اليمني المحقق الدكتور علي محمد زيد ففيه بحث قيم عنه ص (٤٤) - ص (٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>