للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

العالي والنازل عند أهل العلم، العلو والنزول أولاً: مما ذكر من فوائد المستخرجات، والاستخراج عند أهل العلم: أن يعمد حافظ –عالم- يروي الأحاديث بأسانيده إلى كتاب من كتب المعتبرة الأصلية، فيروي أحاديث الكتاب من غير طريق صاحب الكتاب، من فوائد هذه المستخرجات تعيين المبهم، الذي مر ذكره، قد يأتي مبهم في الكتاب المخرج عليه، ثم يأتي مبهماً، ثم يعيين في المستخرج، من فوائد المستخرجات العلو، فالعالي والنازل، العالي مرغوب عند أهل الحديث، والمراد بالعلو قلة عدد الرواة، قلة الوسائط بين الراوي والنبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قلة الوسائط سمي الخبر عالياً، وإذا كثرة الوسائط بين المحدث والنبي -عليه الصلاة والسلام- سمي نازلاً، والعلو مثل ما ذكرنا سنة عند أهل الحديث مرغوبة، وطريقة متبعة، يرحلون من أجله، ويتعبون من أجل تحقيقه، يرحل الليالي والأيام بل والشهور من أجل أن يستفيد، أن يسقط عنه راوي من السند، بحيث يتلقى الخبر بدون واسطة من راويه، وإن كان قد تلقاه بواسطة عنه، فالعلو عندهم مطلوب، وقيل لإمام يحيى أو علي بن المديني في مرضه: ماذا تشتهي؟ قال: "بيت خالي، وسند عالي" خلو البيت مهم للعالم ولطالب العلم ليخلو بربه، والخلوة مطلوبة، إذا تعبد الإنسان، ويبعد عن الأنظار، ويستريح من الأكدار والأغيار، فكون الإنسان يخلو بربه، يخلو بنفسه، يذكر الله ما شاء، يصلي ما شاء، يقرأ ما شاء، يتدبر، يتيسر له أن يناجي الله -جل وعلا-، وأن يحضر قلبه بخلاف ما إذا كان البيت مأهول ومشغول، هذه أمنية، لكن من يطيق منا الجلوس في بيت خالي؛ لأننا اعتدنا كثرت القيل والقال، والاجتماع والروحات والجيات، فيصعب علينا الخلوة في البيوت، هذه صعبة جداً، حتى النساء يصعب عليها البقاء في البيت وحدها في عصرنا هذا من الصالحات فضلاً عن غيرهن، يستبعد أن تجلس ليلة خميس أو ليلة جمعة في البيت، لا بد أن يروحون يمين يسار، ويتوسعون يشوفون ويشافون، العوام .. ، فالجلوس في البيوت صار الناس لا يطيقونه، ومن أشق الأمور إذا كنت في البيت وحدك، وواعدت واحد يشيلك يمين أو يسار وإلا تروحون مشوار وإلا شيء، يتأخر عليك خمس دقائق كأنها خمسة أيام، لكن لو عودنا

<<  <  ج: ص:  >  >>