للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقدَّمَ (١) واللهُ أعلمُ.

الثالثةُ: إذا قيلَ في الإسنادِ: ((فلانٌ عَنْ رجلٍ أو عَنْ شيخٍ عَنْ فلانٍ)) أو نحوُ ذلكَ؛ فالذي ذكرَهُ الحاكمُ في " معرفةِ علومِ الحديثِ " (٢) أنَّهُ لا يُسَمَّى مُرسلاً بلْ منقطِعاً، وهوَ في بَعْضِ المصنَّفاتِ المعتبرَةِ في أصولِ الفقهِ (٣) معدودٌ مِنْ أنواعِ


(١) قال الزركشي ١/ ٤٥٩: ((هو خلاف نص الشافعي في الرسالة أنه لا يقبل إلا مرسل كبار التابعين دون صغارهم)).
قلنا: أبعد الزركشي النجعة في تعقبه هذا، إذ كلام الشافعي في القبول وعدمه، وكلام ابن الصلاح هنا في التسوية بينهم في التسمية، والله أعلم.
(٢) ص ٢٨، وتابعه على هذا تلميذه البيهقي في سننه الكبرى ٣/ ٣٣٣ و ٤/ ٥٤ و ٧/ ١٣٤. قال ابن الملقن في المقنع ١/ ١٣٣: ((وتبع الحاكم ابن القطان، فقال: إنه منقطع)). وانظر: بيان الوهم والإيهام ٥/ ٢٠٨ (٢٤٢١).
وما نقله عن الحاكم لم ينقله على وجهه، إذ شرط الحاكم لتسميته منقطعاً عدم التصريح باسمه في طريق أخرى.
فأهمل ابن الصلاح هذا القيد، وحمّل الحاكم تبعة ذلك، وهو عدم تسميته مرسلاً، ثمّ لو سلّمنا جدلاً بأن الحاكم لا يسميه مرسلاً بل منقطعاً، فلا تمنع تسميته بالمنقطع من تسميته مرسلاً، فإن الحاكم صرّح في بدء النوع التاسع (٢٧) بالتغاير بينهما فقال: ((معرفة المنقطع من الحديث وهو غير المرسل)).
(٣) أراد به كتاب البرهان لإمام الحرمين، إذ قال فيه ١/ ٦٣٣: ((وقول الراوي: أخبرني رجل أو عدل موثوق به، من المرسل أيضاً)).
وتبعه الفخر الرازي في المحصول فقال ٢/ ٢٢٩: ((إن الراوي إذا سمّى الأصل باسم لا يعرف به فهو كالمرسل)). فقال الأبياري في شرح البرهان: ((هذا مردود بلا خلاف، ولا يأتي فيه الخلاف في قبول المرسل إلا أن يكون قائله لا يروي إلا عن عدل، فلا فرق حينئذٍ بين أن يقول: حدّثني رجل، وحدّثني عدل موثوق به)).
قال الزركشي ١/ ٤٦١ معقباً على الأبياري: ((ونفيه الخلاف فيه مردود، وقد ذكر أبو علي الغساني - من أئمة الحديث - أنه نوع من المرسل، وهو قضية صنيع أبي داود في المراسيل)).
قلنا: أبو داود يورد أحاديث في كتابه " المراسيل " عن مبهمين وهذا يقتضي أنه يسمي ما كان على هذه الشاكلة مرسلاً، بل البيهقي زاد في سننه بأن جعل ما يرويه التابعي عن رجل من الصحابة مرسلاً!!
قال ابن التركماني في الجوهر النقي ١/ ١٩٠ - ١٩١ معقباً على البيهقي: ((قدّمنا في باب تفريق الوضوء أن مثل هذا ليس بمرسل، بل هو متصل؛ لأنّ الصَّحَابَة كلهم عدول فَلا تضرهم الجهالة. =

<<  <   >  >>