للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصاعِداً (١).

وأصحابُ الحديثِ يقولونَ: أعْضَلَهُ فهو مُعضَلٌ - بفتحِ الضادِ - وهو اصطلاحٌ مُشكلُ المأخذِ مِنْ حيثُ اللغةُ، وبحثْتُ فوجدْتُ لهُ قولَهم: ((أمرٌ عَضِيْلٌ) أي: مُستَغْلَقٌ شديدٌ. ولا التفاتَ في ذلكَ إلى مُعْضِلٍ - بكسرِ الضادِ - وإنْ كانَ مِثْلَ عَضِيْلٍ في المعنى (٢).

ومثالُهُ: ما يرويهِ تابعيُّ التابعيِّ قائلاً فيهِ: ((قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)). وكذلكَ (٣) ما يرويهِ مَنْ دونَ تابعيِّ (٤) التابعيِّ ((عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أو عَنْ أبي بكرٍ وعُمَرَ وغيرِهِما)) غيرَ ذاكرٍ للوسائطِ بينَهُ وبينهُم. وذكرَ أبو نصرٍ السِّجْزيُّ الحافظُ قولَ الراوي: ((بلغني))


(١) هذا ينطبق على ما حكاه الحاكم في المعرفة: ٣٦ عن علي بن المديني، وقد أطلق ابن الصلاح هنا القول بسقوط اثنين من غير تفصيل بين أن يكونا من موضع واحد أو من موضعين، ومراده سقوطهما من موضع واحد بدلالة ما مثّل به، وإلا لكان سقوطهما من موضعين خارجاً عن تسمية ((المعضل)) في الاصطلاح؛ إذ أنهم يسمون ما هذه صورته منقطعاً في موضعين.
قال ابن حجر ١/ ٥٧٥: ((وجدت التعبير بالمعضل في كلام الجماعة من أئمة الحديث فيما لم يسقط منه شيء البتة)). ثم ساق أمثلة على ذلك، وعقّبها بقوله: ((فإذا تقرّر هذا فإما أن يكونوا يطلقون المعضل لمعنيين، أو يكون المعضل الذي عرّف به المصنّف، وهو المتعلق بالإسناد - بفتح الضاد -، وهذا الذي نقلناه من كلام هؤلاء الأئمة - بكسر الضاد -، ويعنون به المستغلق الشديد. وفي الجملة، فالتنبيه على ذلك كان متعيناً)).
وانظر: نكت الزركشي ٢/ ١٤، والتقييد والإيضاح: ٨١.
(٢) جاءت في حاشية نسخة (ب) تعليقة نصّها: ((قال المصنف - رحمه الله -: ((دلَّنا قولهم: عضيل، على أن ماضيه: عَضِل، فيكون أعضله منه، لا من أعضل هو. وقد جاء: ظَلِمَ الليل وأظلمَ وأظلمه الله. وغطش الليل وأغطشه الله، والله تعالى أعلم)).
وهذه الحاشية بنصّها توجد في هامش (م)، ونقل نصها العراقي في التقييد: ٨٢.
وفي هذا الاشتقاق مباحثات ومناقشات، انظرها في: نكت الزركشي ٢/ ١٥، ومحاسن الاصطلاح ١٤٧، والتقييد والإيضاح: ٨١، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٨٠، والنكت الوفية: ١٢٦/ أ، وفتح المغيث ١/ ١٥١، والبحر الذي زخر: ١٠٩ ب، وتوضيح الأفكار ١/ ٣٢٧.
(٣) في (ب): ((وكذا)).
(٤) في (ب): ((تابع)).

<<  <   >  >>