للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثالُ العلَّةِ في المتنِ: ما انْفَرَدَ مسلمٌ (١) بإخراجِهِ في حديثِ أنسٍ مِنَ اللَّفظِ المصرَّحِ بنفي قراءَةِ: ((بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ)) فعلَّلَ قومٌ (٢) روايةَ اللفظِ المذكورِ لَمَّا رأوا الأكثرينَ إنَّما قالوا فيهِ: ((فكانوا يَسْتَفْتِحونَ القراءةَ بـ: ((الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ)) مِنْ غيرِ تعرُّضٍ لذكرِ البسمَلَةِ، وَهُوَ الَّذِي اتَّفَقَ البخاريُّ (٣) ومسلمٌ (٤) عَلَى إخراجِهِ في الصحيحِ، ورأوا أنَّ مَنْ رواهُ باللَّفظِ المذكورِ، رواهُ بالمعنى الَّذِي وقَعَ لهُ، فَفَهِمَ مِنْ قولِهِ: ((كانوا يَستفتحونَ بـ: ((الحمدُ للهِ)) (٥)، أنَّهُم كانوا لا يُبَسْمِلُونَ، فرَوَاهُ على ما فَهِمَ، وأخطأَ؛ لأنَّ معناهُ أنَّ السورةَ التي كانوا يفتتحونَ بها مِنَ السُّورِ هيَ الفاتحةُ، وليسَ فيهِ تعرُّضٌ لذكرِ التسميةِ. وانضمَّ إلى ذلكَ أمورٌ (٦)، منها: أنَّهُ ثَبَتَ عَنْ أنسٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الافتتاحِ بالتسميةِ، فذَكَرَ أنَّهُ لا يَحفظُ فيهِ شيئاً عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٧)،

واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ اعلمْ أنَّهُ قدْ يُطلقُ اسمُ العِلَّةِ على غيرِ ما ذكرناهُ من باقي الأسبابِ القادحةِ في الحديثِ الْمُخرِجةِ لهُ مِنْ حالِ الصِّحَّةِ إلى حالِ الضَّعْفِ، المانعةِ مِنَ العملِ بهِ، على ما


(١) ٢/ ١٢ (٣٩٩).
(٢) أراد به الدارقطني. انظر: سننه ١/ ٣١٦، ونكت ابن حجر ٢/ ٧٦٦.
(٣) ١/ ١٨٩ (٧٤٣).
(٤) ٢/ ١٢ (٣٩٩). كلاهما (البخاري ومسلم) من طريق شعبة عن قتادة عن أنس، به. لكن سياقيهما يختلفان.
(٥) في (أ) و (جـ): ((بالحمد)).
(٦) للحافظ العراقي في التقييد والإيضاح: ١٢٢ وما بعدها تعليق طويل مفيد جداً، فانظره.
(٧) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ١٦٦، وابن خزيمة (١٠١٠) إلا أنه اختصره وحذف منه موطن الشاهد، بدلالة رواية الدارقطني في السنن ١/ ٣١٦. قال الدارقطني: ((هذا إسناد صحيح)). وقال الهيثمي في المجمع ٢/ ١٠٨: ((رجاله ثقات)).

<<  <   >  >>