للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِنْهُم مَنْ صَرَّحَ فيهِ بلفظِ الإخْبارِ بَيْنَهُما. وأمَّا ذِكْرُ أبي إدْريسَ فيهِ فابنُ المباركَ مَنْسُوبٌ فيهِ إلى الوَهَمِ؛ وذلكَ لأنَّ جماعةً مِنَ الثقاتِ رَوَوْهُ عَنِ ابنِ جابرٍ فلمْ يَذكروا أبا إدْرِيسَ بَيْنَ بُسْرٍ وواثِلَةَ. وفيهم مَنْ صَرَّحَ فيهِ بسماعِ بُسْرٍ مِنْ واثلةَ. قالَ أبو حاتِمٍ الرازيُّ:

((يُرَوْنَ أنَّ ابنَ المباركِ وَهِمَ في هذا (١)، قالَ: وكثيراً ما يُحَدِّثُ بُسْرٌ عَنْ أبي إديسَ فَغَلِطَ ابنُ المباركِ وظَنَّ أنَّ هذا مِمَّا رُوِيَ عَنْ أبي إدرِيسَ عَنْ واثِلَةَ، وقَدْ سَمِعَ هذا بُسْرٌ مِنْ واثِلَةَ نفسِهِ)) (٢).

قلتُ: قدْ ألَّفَ الخطيبُ الحافظُ في هذا النوعِ كِتاباً سَمَّاهُ كتابَ " تَمْييزِ المزيدِ في مُتَّصِلِ الأسَانِيدِ ". وفي كثيرٍ مِمَّا ذَكَرَهُ نَظَرٌ؛ لأنَّ الإسْنادَ الخالِيَ عَنِ الرَّاوِي الزائِدِ، إنْ كانَ بلفظَةِ ((عَنْ)) في ذَلِكَ فينْبَغِي أنْ يُحْكَمَ بإرْسالِهِ، ويُجْعَلَ مُعَلَّلاً بالإسْنادِ الَّذِي ذُكِرَ فيهِ الزائِدُ؛ لما (٣) عُرِفَ في نوعِ المعلَّلِ، وكما يأتِي ذِكْرُهُ إنْ شاءَ اللهَ تَعَالَى في النوعِ الذي يليهِ. وإنْ كانَ فيهِ تَصريحٌ بالسماعِ أو بالإخْبارِ كما في المثالِ الذي أوْردناهُ، فجائِزٌ أنْ يَكونَ قد سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رجلٍ عنهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ منهُ نَفسُهُ، فيكونُ بُسْرٌ في هذا الحديثِ قدْ سَمِعَهُ مِنْ أبي إدْريسَ عَنْ واثِلةَ، ثُمَّ لَقِيَ واثلةَ فسَمِعَهُ منهُ كما جاءَ مِثْلُهُ مُصَرَّحاً بهِ في غيرِ هذا، اللَّهُمَّ إلاَّ أنْ تُوجدَ قرينةٌ تدلُّ عَلَى كونِهِ وَهَماً، كَنَحْوِ ما ذكرَهُ أبو حاتِمٍ في المثالِ المذكورِ. وأيضاً فالظَّاهِرُ مِمَّنْ وقَعَ لهُ مِثْلُ ذَلِكَ أنْ يَذْكُرَ السَّماعَيْنِ، فإذا لَمْ يَجِئْ عنهُ ذِكْرُ ذَلِكَ حَمَلْناهُ عَلَى الزيادةِ المذكورةِ (٤)، واللهُ أعلمُ.


(١) العلل لابنه ١/ ٨٠ (٢١٣).
(٢) نقله ابن أبي حاتم في علله ١/ ٨٠ عن أبيه. وانظر: العلل أيضاً ١/ ٣٤٩.
(٣) في (م): ((كما)).
(٤) راجع: محاسن الاصطلاح: ٤١٨.

<<  <   >  >>