للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى الرابع:

قال الزبيدي في "تاج العروس": ((والتَّنَاسُخُ والمُنَاسَخَةُ في) الفرائض و (المِيرَاثِ: مَوْتُ وَرَثَةٍ، بَعْدَ وَرَثةٍ وأَصْلُ المِيرَاث قائمٌ لم يُقْسَمْ)، (و) كذالك (تَناسُخُ الأَزْمِنَة)، وهو (تَدَاوُلُهَا)، وفي الحديث (لم تكن نُبُوَّةٌ إِلاّ تَنَاسَخَتْ) (١)، أَي تَحوَّلتْ من حالٍ إِلى حالٍ، أَي أَمْر الأُمّةِ وتغايُر أَحوالِها. (أَو انقراضُ قَرْنٍ بَعْدَ قَرْنٍ آخَرَ (٢). ومنه) الفِرقَةُ (التَّنَاسُخِيَّةُ)، وهي طائفةٌ تقولُ بتناسُخِ الأَرواحِ وأَنْ لا بَعْثَ).

- وكون النسخ لغة بمعنى الإزالة هو الأنسب لمعناه الاصطلاحي - كما سيأتي -.

ب- اصطلاحا:

قال الشيخ: (واصطلاحاً: رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة).

قال الشيخ (٣): فالمراد بقولنا: " رفع حكم " أي تغييره من إيجاب إلى إباحة، أو من إباحة إلى تحريم مثلاً. فخرج بذلك تخلف الحكم لفوات شرط أو وجود مانع مثل أن يرتفع وجوب الزكاة لنقص النصاب أو وجوب الصلاة لوجود الحيض فلا يسمى ذلك نسخاً.

"رفع حكم دليل" يعني: رفع حكم دليل والدليل باق، "أو لفظه": ولكن حكمه باق،"أو لفظه وحكمه": وهذا ممكن، ولهذا نقول: "أو" هنا ليست للتنويع بل هي مانعة


(١) رواه مسلم في صحيحه من حديث عتبة بن غزوان - رضي الله عنه -، وقال القرطبي في المفهم: (وقوله: (وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت، حتى يكون آخرها ملكا) يعني: أن زمان النبوة يكون الناس فيه يعملون بالشرع، ويقومون بالحق، ويزهدون في الدنيا، ويرغبون في الآخرة، ثم إنه بعد انقراضهم، وانقراض خلفائهم يتغير الحال، وينعكس الأمر، ثم لا يزال الأمر في تناقص، وإدبار إلى ألا يبقى على الأرض من يقول: الله! الله! فيرتفع ما كان الصدر الأول عليه، وهذا هو المعبر عنه هنا: بالتناسخ). المقصود بيان تحول أمر الأمة وتغاير أحوالها من حال إلى حال بعد زمان النبوة.
(٢) المقصود أن الأزمنة والقرون يحل بعضها مكان الآخر بعد انقضائه، وتتغير تبعا لذلك أحوال الأمة.
(٣) هذا نص عبارات الشيخ من "الأصل" (ص/٤٠)، وشرح الأصول (ص/٣٨٥: ٣٨٧).

<<  <   >  >>