للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان انتهاء مدته في علم الله تعالى، إذ ذلك لا يسمى نسخًا، كما أن انقضاء مدة الإجارة لا يسمى فسخًا).

قوله: (رفع حكم) أي رفع تعلقه بأفعال المكلفين لا رفعه هو، فإنه أمر واقع، والواقع لا يمكن رفعه.

قوله: (رفع) يخرج المخصصات المتصلة كالاستثناء والشرط ونحوهما؛ لأن المتصل يكون مبينا لا رافعا (١).

قوله: (دليل شرعي) يخرج النقل عن البراءة الأصلية أو العقلية، فلا تسمى نسخا (٢).

قوله: (بدليل من الكتاب والسنة) يخرج ما رفع حكمه بدليل عقلي، كسقوط غسل الأعضاء المقطوعة من جسم المكلف.

ويخرج أيضا ما زال حكمه لانتهاء غايته، وانقضاء وقته. قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (٢/ ٢٥٨): (وأيضا احتراز من زوال الحكم بالموت والجنون، فإن من مات، أو جن، انقطعت عنه أحكام التكليف، وليس ذلك بنسخ ; لأن انقطاع الأحكام عنهما لم يكن بخطاب، وكذلك ارتفاع حكم الصوم بمجيء الليل، وحكم


(١) راجع الفرق بين النسخ الجزئي والتخصيص، سوف يأتي قريبا زيادة بيان لذلك.
(٢) قال الشنقيطي في "المذكرة" (ص/١٥): (اعلم أن الإباحة عند أهل الأصول قسمان:
الأولى: إباحة شرعية أي عرفت من قبل الشرع كإباحة الجماع في ليالي رمضان المنصوص عليها بقوله: " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ " ونسمى هذه الإباحة الإباحة الشرعية.
الثانية: إباحة عقلية وهى تسمى في الاصطلاح البراءة الأصلية والإباحة العقلية وهى بعينها (استصحاب العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقل عنه) ومن فوائد الفرق بين الاباحتين المذكورتين أن رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخا كرفع إباحة الفطر في رمضان، وجعل الإطعام بدلا عن الصوم المنصوص في قوله: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة: ١٨٤] فانه منسوخ بقوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: ١٨٥]. وأما الإباحة العقلية فليس رفعها نسخا لأنها ليست حكما شرعيا بل عقليا، ولذا لم يكن تحريم الربا ناسخا لإباحته في أول الاستلام لأنها إباحة عقلية)، وأيضا من الأمثلة على الإباحة الشرعية قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَءَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} وقوله تعالى {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاٍّخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} والأظهر أن الاستثناء فيهما في قوله: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}. منقطع أي لكن ما سلف من ذلك قبل نزول التحريم، فهو عفو، لأنه على البراءة الأصلية. انظر أضواء البيان (٧/ ٤٩٨).

<<  <   >  >>