للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ظاهر ما قدمه ابن قاضي الجبل، ومنع ابن عقيل القول بفعله صلى الله عليه وسلم، وحكي عن التميمي، واختاره المجد في المسودة لأن دلالته دونه).

[٣ - ثبوت الناسخ:]

قال الشيخ وهو يتكلم عن شروط النسخ: (ثبوت الناسخ واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ فلا ينسخ المتواتر عندهم بالآحاد وإن كان ثابتاً، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى؛ لأن محل النسخ الحكم ولا يشترط في ثبوته التواتر).

محصل هذا الشرط أن الشيخ يشترط في الناسخ أن يصح نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون ضعيفا، فلم يشترط أن يكون الناسخ أقوى من المنسوخ بل اكتفى بمجرد صحة نسبته للشرع فينسخ خبرُ الآحاد المتواترَ والقرآنَ.

[تنبيه:]

قوله: (لأن محل النسخ الحكم ولا يشترط في ثبوته التواتر).

المقصود من هذا التعليل بيان أن الحكم (١) - عند الشيخ - لا يشترط فيه أن يكون قطعيا، بمعنى أنه يمكن أن يكون قطعيا أو ظنيا، وعليه فمحل الإشكال لا يزال قائما، وهو إن كان الحكم قطعيا هل ينسخ بالظني؟

وأما قوله: (لأن محل النسح الحكم) فقد يتوهم منه أن اللفظ ليس محلا للنسخ مع أنه أحد أنواع النسخ، ويجاب عن ذلك بأن التلاوة حكم، أو في معناه، قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (٢/ ٢٧٤): (التلاوة حكم، والمراد بها متعلق الحكم ; فلأنه يجب تلاوتها في الصلاة، وتصح وتنعقد بها، وتستحب كتابتها، والوجوب، والصحة، والاستحباب أحكام متعلقة بالتلاوة ; فهي حكم أو في معنى الحكم).

وسيأتي مزيد بيان لذلك بإذن الله - تعالى - عند الكلام على أنواع النسخ في المسالة التالية.


(١) وذلك إعمالا لعود الضمير في قوله: (في ثبوته) على أقرب مذكور، وهو: الحكم.، فإن قلنا أنه يعود على الناسخ كان هذا استدلا من الشيخ بمحل النزاع؛ لأن المانع يمنع من أن يكون الناسخ ظنيا.

<<  <   >  >>