للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفعل الجبلي:]

الفعل الجبلي إن كان جبليا محضا فمباح، وأما إن كان له صلة بالعبادة فالقول بالندب فيه متجه.

قال ابن مفلح في "أصوله" (١/ ٣٢٨): (ما كان من أفعاله - عليه السلام - من مقتضى طبع الإنسان وجبلته - كقيام وقعود - فمباح له ولنا اتفاقا).

قال المرداوي في "التحبير" (٣/ ١٤٥٥): (ما كان من أفعاله جبليا واضحا: كالقيام والقعود، والذهاب والرجوع، والأكل والشرب، والنوم والاستيقاظ، ونحوها، {فمباح، قطع به الأكثر} ولم يحكوا فيه خلافا؛ لأنه ليس مقصودا به التشريع، ولا تعبدنا به، ولذلك نسب إلى الجبلة، وهي: الخلقة؛ لكن لو تأسى به متأس فلا بأس، كما فعل ابن عمر (١)، فإنه كان إذا حج يجر بخطام ناقته حتى يبركها حيث بركت ناقته تبركا بآثاره. وإن تركه لا رغبة عنه ولا استكبارا، فلا بأس. ونقل ابن الباقلاني، والغزالي في ' المنخول ' قولا: إنه يندب التأسي به. ونقل أبو إسحاق الأسفراييني وجهين، هذا، وعزاه لأكثر المحدثين، والثاني: لا يتبع فيه أصلا. فتصير الأقوال ثلاثة: مباح، ومندوب، وممتنع. ويحكى قول رابع: بالوجوب في الجبلي وغيره. قيل: وهو زلل. وحكى ابن قاضي الجبل: الندب عن بعض الحنابلة والمالكية. وحكاه القرافي في ' التنقيح '، وقطع به الزركشي شارح ' جمع الجوامع ' فقال: (أما الجبلي: فالندب لاستحباب التأسي به). قوله: {فإن احتمل الجبلي وغيره}، من حيث إنه واظب عليه: {كجلسة الاستراحة، وركوبه في الحج، ودخوله مكة من كداء، ولبسه السبتي والخاتم، وذهابه ورجوعه في العيد، ونحوه}: كتطيبه عند الإحرام، وعند تحلله، وغسله بذي طوى، والاضطجاع بعد سنة الفجر، ونحوها، {فمباح عند الأكثر}، حكاها إلكيا الهراسي؛ لإجماع الصحابة عليه، وقطع به ابن القطان، والماوردي، والروياني، وغيرهم. {وقيل: مندوب، وهو أظهر} وأصح، {وهو ظاهر فعل} الإمام {أحمد، فإنه تسرى، واختفى ثلاثة أيام}، ثم انتقل إلى موضع آخر، اقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) وسوف يأتي تفصيل القول في فعله - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>