للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمت أن القياس يجري في المعدومات أيضا، وإنما عبرنا بالإيهام لأن الأصلية والفرعية قد تكون في المعدومات فإن عدم المشروط مفرع على عدم الشرط وعدم الملزوم مفرع على عدم اللازم إلا أن استعمالهما في الموجودات أكثر ... ).

وعليه فقد عرفت أن استخدام كلمة أصل وفرع لا يلزم منه الدور في التعريف، وأن الأصل والفرع قد يستخدمان في المعدومات أيضا.

الاعتراض الثاني:

أن هذا التعريف لا يدخل فيه التسوية بين الأصل والفرع في النفي.

قال الآمدي في "الإحكام" (٣/ ٢٠٦): (وأما القيد الثاني - أي للتعريف الذي نقله عن القاضي أبي بكر: في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما - فإنما ذكره لأن حمل الفرع على الأصل قد بان أن معناه التشريك في الحكم وحكم الأصل وهو المحمول عليه قد يكون إثباتا وقد يكون نفيا وكانت عبارته بذلك أجمع للنفي والإثبات).

قلت: والإطلاق الذي في تعريف الشيخ يدخل فيه التسوية بين الأصل والفرع في النفي والإثبات، ويكون إضافة قيد النفي حشو.

الاعتراض الثالث:

قال المرداوي في "التحبير" (٧/ ٣١٢٥): (لم يرد بالحد قياس الدلالة وهو الجمع بين أصل وفرع بدليل العلة كالجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة (١). ولا قياس العكس: وهو تحصيل نقيض حكم المعلوم في غيره لافتراقهما في علة الحكم، مثل: لما وجب الصوم في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر، عكسه


(١) قياس الدلالة يجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة، وهو إما بملزومها أو أثرها، أو حكمها، ليدل اشتراكهما في الدليل على اشتراكهما في العلة، فيلزم اشتراكهما في الحكم، وسمي بقياس الدلالة؛ لأن الجامع فيه دليل العلة لا نفسها. وذكر الشنقيطي في "المذكرة" (ص/٢٥٠) أمثلة فقال: (مثال الجمع بملزومها: الحاق النبيذ بالخمر في المنع بجامع الشدة المطربة لأنها ملزومة للأسكار الذي هو العلة. ومثال الجمع بأثر العلة: الحاق القتل بالمثقل بمحدد في القصاص بجامع الإثم، لأن الإثم أثر العلة التي هي القتل العمد العدوان.
ومثال الجمع بحكم العلة: الحكم بحياة شعر المرأة قياساً على سائر شعر بدنها بجامع الحلية بالنكاح والحرمة بالطلاق، وكقولهم بجواز رهن المشاع قياساً على جواز بيعه بجامع جواز البيع).

<<  <   >  >>