للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجتهد حتى لو تغير اجتهاده وعدل عن قياس إلى دليل آخر لا يحكم على القياس الأول بالفساد بل هو دليل انتهى حكمه كالمنسوخ- فيلزمهم هذا القيد إذ ليس عندهم إلا الاشتراك في نظر المجتهد. فلو حذف هذا القيد مع أن المتبادر الاشتراك في الواقع ونفس الأمر خرج عن التعريف جميع أفراد المعرف ولم يصدق على فرد منها.

فإن قيل إذا كان الاشتراك عند المصوبة لا يكون إلا بنظر المجتهد انصرف عند الإطلاق إلى ذلك ولا يحتاج لذكر هذا القيد عندهم. (قلت): ذكرنا سابقا أن الاشتراك إذا أطلق انصرف إلى الموافق لما في نفس الأمر لأنه الفرد الكامل فلا يفهم أهل العرف العام إلا ذلك ولا ينظر إلى اصطلاح المصوبة فتأمل.

فإن قيل: هل يعقل قياس فاسد عند المصوبة؟ قلت: نعم بأن يكون إلحاق الفرع بالأصل وتشبيهه به من غير أن يكو المشبِه - بكسر الباء - معتقدا ذلك، ولكن هذا خارج عن التعريف ذكر القيد أو حذف. فإذا أردنا شموله له نقول في التعريف: تشبيه فرع بأصل؛ لأنه قد يكون مطابقا لحصول الشبه وقد لا يكون وقد يكون المشبه يرى ذلك وقد لا يراه. كذا في العضد، ووضحه العلامي السعد بما حاصله: إن التشبيه هو الدلالة على مشاركة في أمر هو وجه الشبه والجامع فإن كان حاصلا فالتشبيه مطابق وإن لم يكن حاصلا فغير مطابق وعلى كل تقدير فالمشبِه - بكسر الباء - إما أن يعتقد حصوله فصحيح في الواقع أو في نظره وأما ن لا يعتقد حصوله ففاسد. اهـ).

[تتمة وبيان:]

اعلم أن القياس الفاسد - الذي ليس فيه موافقة لما في نفس الأمر - ينقسم إلى قسمين، وهو ما ظهر فيه عدم الموافقة، وما لم يظهر فيه عدم الموافقة، وقد اختلف العلماء القسم الثاني، هل يلحق بالصحيح، أم بالفاسد.

والموافق لأصولنا من أن الحق واحد عدم إلحاقه بالصحيح فهو غير مطابق لما في نفس الأمر، إلا انه لما لم يظهر لنا عدم موافقته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإنه لحين ظهور وجه عدم موافقته فإنه يلحق بالصحيح، ويسمى الصحيح حكما، ومثاله الخلاف في علة الربا في الأجناس الربوية هل هي الكيل أو الطُّعْمُ أو القوت،

<<  <   >  >>