للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رجب: فتنازع أصحابنا في معناه. فقال بعض المتقدمين والمتأخرين: هذا يدل على المنع من استعمال القياس في الأحكام الشرعية بالكلية. وأكثر أصحابنا لم يثبتوا عن أحمد في العمل بالقياس خلافا، كابن أبي موسى، والقاضي، وابن عقيل، وغيرهم، وهو الصواب. انتهى).

وقد ألقى الشيخ الشنقيطي محاضرة في المسجد النبوي في التفسير عند قوله تعالى: (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [الأعراف: ١٢] ناقش فيه فضيلته إثبات القياس على منكريه، وأورد أقسام القياس وأمثلته العديدة، وقد لخصت هذه المحاضرة، ووضعت عناوين لفقراتها وعلقت عليها:

قول ابن حزم وأدلته (١):

قال ابن حزم: لا يجوز اجتهاد كائناً ما كان ولا يجوز أن يتكلم في حكم إلا بنص من كتاب أو سنة أما من جاء بشيء لم يكن منصوصاً في الكتاب ولا السنة فهو مشرع ضال، ويزعم أم ما ألحقه الأئمة من الأحكام المسكوت عنها واستنبطوها من المنطوقات أن كل ذلك ضلال ويستدل بعشرات الآيات يقول: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) [الأعراف: ٣]، والمقاييس لم تنزل علينا من ربنا، ويقول: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي)


(١) وانظر رسالة "ملخص إبطال القياس". وأما ابن حزم ومن تبعه فإنهم لا يقولون بالتعليل أصلًا، والنصوص التي وردت معللة يسمون العلة سببا ولا يطردونها. قال ابن حزم في الأحكام (٨/ ٥٦٣): (ولسنا ننكر وجود أسباب لبعض أحكام الشريعة بل نثبتها ونقول بها لكنا نقول إنها لا تكون أسبابا إلا حيث جعلها الله تعالى أسبابا ولا يحل أن يتعدى بها المواضع التي نص فيها على أنها أسباب لما جعلت أسبابا له). وقال أيضا (٨/ ٥٦٦): (فاعلم الآن أن العلل كلها منفية عن أفعال الله تعالى وعن جميع أحكامه البتة لأنه لا تكون العلة إلا في مضطر، واعلم أن الأسباب كلها منفية عن أفعال الله تعالى كلها وعن أحكامه حاشا ما نص تعالى عليه أو رسوله صلى الله عليه وسلم).وانظر "المسائل المشتركة" للشيخ العروسي (ص/٢٧٤).
وجاء في فتاوي اللجنة رقم (٨٨٩٥): (وإنما نفى ابن حزم وجوب الزكاة في عروض التجارة لأنه لا يقول بتعليل الأحكام، والقول بعدم تعليل الأحكام وأنها لم تشرع لحكم قول باطل، والصحيح أنها معللة، وأنها نزلت لحكم، لكنها قد يعلمها العلماء فيبنون عليها، ويتوسعون في الأحكام، وقد لا يعلمها العلماء فيقفون عند النص ... )

<<  <   >  >>