للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحصل الفتنة والشر والفساد).

أوافق الشيخ في مقصوده من جواز تعاضد القياس مع الكتاب والسنة والإجماع للدلالة على حكم شرعي، ولكن ما ذكره هنا في المسألة السابقة فليس قياسا بالمعنى الاصطلاحي، وإنما هو دليل من المعقول (١) على شرعيته.

قال قاسم القونوي (٢): (والمعقول وهو أن الحاجة ماسة إلى شرعيته، فإن الناس يحتاجون إلى الأعواض، والسلع والطعام والشراب الذي في أيدي بعضهم، ولا طريق لهم إلا بالبيع والشراء؛ فإن ما جبلت عليه الطباع من الشح والضنة وحب المال يمنعهم من إخراجه من غير عوض، فاحتاجوا إلى المعاوضة، فلهذا كان من الضروري أن يَحِلَّ البيعُ فأحله الله عزّ وجل) (٣).

إلا أنه لا مانع من تعاضد أدلة الكتاب والسنة والإجماع والقياس على حكم شرعي، وإنما الممنوع أن يكون القياس مصادما للنص، وهو ما يسمى فساد الاعتبار كما سبق بيانه.

قال الشيخ النملة في " الجامع لمسائل أصول الفقه": (يشترط في الفرع: أن يكون خالياً عن نص أو إجماع ينافي حكم القياس؛ فإنْ وُجِدَ نص أو إجماع ينافي الحكم الذي أخذناه عن طريق القياس: فلا يصح القياس؛ لأنه لا قياس مع النص.

ثم قال: إذا وجد نص أو إجماع في حكم الفرع موافق للقياس؛ فإنَّا ننظر:

١ - إن كان هذا النص أو الإجماع الدال على ثبوت حكم الفرع بعينة هُوَ الذي دل على حكم الأَصْل.


(١) المعقول يعني أنه معلل، وقال الشيخ عياض السلمي في "أصوله" (ص/٤٤٢): (والمراد بالمعقولين: الأقيسةُ وطرقُ الفقه الأُخرى، التي ليست بنقلٍ ولا قياسٍ، ويُسميها بعضُهم الاستدلالَ، ويَدخل فيها الاستصحابُ بأنواعه، والاستصلاحُ، والاستقراءُ عند مَن يرى حجيته).
(٢) هو قاسم بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان ابن نصير بن صالح البلقيني الأصل، القاهري، الشافعي (زين الدين) فقيه. ولد بالقاهرة سنة ٧٩٥ هـ، ونشأ بها، وتوفي سنة ٨٦١ هـ. من تصانيفه: شرح التنبيه، شرح الحاوي، وشرح المنهاج. انظر ترجمته في: الضوء اللامع للسخاوي (٦/ ١٨١، ١٨٢)، معجم المؤلفين لكحالة (٨/ ١٠٦).
(٣) أنيس الفقهاء (ص/٢٠١ - ٢٠٢) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>