للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على كل حال الجرح إنما أبيح للحاجة، والضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، قد لوحظ على كثير من طلاب العلم أنهم صار مهنتهم الجرح والتعديل، الشيخ الفلاني قال، والشيخ الفلاني، والعلاني فيه ما لا فيه؟ وأخذوا يقعون في أعراض الناس ولم يسلم منهم حتى أهل العلم، نقول: هل من حاجة وضرورة داعية إلى مثل هذا الكلام؟ نعم، إذا وجد شخص ممن يتصدى لإفادة الناس ويخشى منه الضرر يحذر منه بقدر الحاجة، لكن تجعل نفسك حكم بين العباد وتجرح وتعدل من غير ما حاجة، لا شك أن أعراض المسلمين حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد، والغيبة أمرها عظيم، والوقوع في أعراض الناس أمره شديد، وهذه حقوق العباد المبنية على المشاحة، والمفلس الحقيقي لما سألهم عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما تعدون المفلس فيكم؟ )) أو ((من المفلس؟ )) قالوا: من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال من صيام وصدقة وصلاة وصلة يأتي قد شتم هذا وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته)) .. إلى آخر الحديث، الإنسان قد يحرص على العمل، تطويد العمل وإتقانه ثم يأتي ويوزع الآثار المرتبة على هذا العمل، يكسب الحسنات ثم يوزعها على الناس، ألزم ما على الإنسان نفسه، ينبغي أن يحتاط لنفسه، ويحفظ ما تعب عليه من الحسنات، إذا تقرر هذا فالطعن في الراوي من ناحيتين:

الأولى: من حيث عدم العدالة.

والثانية: من حيث عدم الضبط.

وقد تقدم تعريف العدالة والضبط عند الكلام على الحديث الصحيح، وأوجه الطعن المتعلقة بانتفاء العدالة خمسة هي: الكذب، التهمة بالكذب، الفسق، البدعة، الجهالة، وأوجه الطعن المتعلقة بانتفاء الضبط خمسة: فحش الغلط، والغفلة، ومخالفة الثقات، الوهم، سوء الحفظ، لكن الحافظ -رحمه الله تعالى- لم يعتنِ بتمييز أحد القسمين على الآخر لمصلحة اقتضت ذلك وهي ترتيبها على الأشد فالأشد، في موجب الرد على سبيل التدلي من الأعلى إلى الأدنى فيها.

[الكذب:]

فالوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي: الكذب: والكذب نقيض الصدق، يقال: كذب يكذب كَذِباً وكِذْباً، وكِذبة، وكَذبة، وكذاباً وكِذابا.

<<  <  ج: ص:  >  >>