للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام مالك بن أنس: "لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك، لا يؤخذ من صاحب هوىً يدعو الناس إلى هواه، ولا من سفيه معلن بالسفه، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس، وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به".

[فحش الغلط:]

الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي: فحش الغلط، سيأتي الحافظ على هذه الأوجه العشرة بالتفصيل وماذا يسمى حديث الكذاب؟ ماذا يسمى حديث المتهم بالكذب؟ بم يسمى حديث من فحش غلطه؟ سيأتي عليها بالترتيب المذكور هنا؛ لأنه كما ذكرنا الحافظ رتب كتابه على طريقة اللف والنشر.

الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي: فحش الغلط، يقال: غط في منطقه غلطاً أخطأ وجه الصواب، وغلطته أنا قلتُ له: غلطت أو نسبته إلى الغلط، وأغلطته إغلاطاً أوقعته في الغلط، ويجمع على أغلاط، ورجل غلطان كسكران، وكتاب مغلوط قد غلط فيه، وفحش الغلط كثرته، وكل شيء جاوز حده فهو فاحش، يعني كون الإنسان يغلط الغلط والغلطتين والثالث هذا يسمى فاحش الغلط؟ لا، من يعرو من الغلط من السهو من النسيان من سبق اللسان، ما في أحد يسلم من ذلك، لكن إذا كثر في كلامه وفحش غلطه صار وجه من أوجه الطعن.

فحش الغلط كثرته، وكل شيء جاوز حده فهو فاحش، وذلك بأن يكون غلط الراوي أكثر من صوابه أو يتساويان، أما إذا كان الغلط قليلاً فإنه لا يؤثر إذ لا يخلو الإنسان من الغلط والنسيان.

روى الخطيب البغدادي بسنده عن سفيان الثوري أنه قال: "ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط، وإن كان الغالب عليه الغلط ترك"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وأما الغلط فلا يسلم منه أكثر الناس، بل في الصحابة من قد يغلط أحياناً وفيمن بعدهم"، وإذا كثر غلط الراوي ترك حديثه، روى الخطيب البغدادي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان لا يترك حديث رجل إلا رجل متهم بالكذب أو رجلاً الغالب عليه الغلط.

الغفلة:

<<  <  ج: ص:  >  >>