للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى بل أولى ما يقال في قول عمر: "نعمت البدعة" أن يحمل على المشاكلة في التعبير، فكأن عمر -رضي الله عنه- خشي أن يقال له: ابتدعت يا عمر، أو كأن قائلاً قال لعمر -رضي الله عنه-: ابتدعت يا عمر، فمن باب المشاكلة والمجانسة في التعبير قال: "نعمت البدعة"، في بعض الروايات: "إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة" فقال عمر -رضي الله عنه- على سبيل التنزل والمشاكلة: "نعمت البدعة" كما قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(٤٠) سورة الشورى] السيئة الأولى سيئة بلا شك، لكن الثانية هي سيئة؟ نعم، ليست سيئة يعني معاقبة الجاني سيئة؟ إقامة الحدود سيئة؟ لا، يقول الشاعر:

قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا

هذا مشاكلة في التعبير ومجانسة، فالسيئة الثانية ليست بسيئة في الحقيقة، فمعاقبة الجاني حسنة للأمر به، لكنه سمي سيئة للمجانسة في التعبير والمشاكلة، وكذلك الجبة والقميص لا يتصور طبخهما، بل المقصود في حقهما الخياطة، فسمى الخياطة طبخاً للمشاكلة في التعبير، والله أعلم، هذا أولى ما يقال في كلام عمر -رضي الله عنه-.

إذا عُلم هذا فالمبتدع في اصطلاح المحدثين كما قال السخاوي -وهو مأخوذ من تعريف الحافظ للبدعة-: "من اعتقد ما أحدث في الدين بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بنوع شبهة لا بمعاندة"، وحكم رواية المبتدع سيأتي الحديث عنه حيث ذكره الحافظ -رحمه الله تعالى-.

سوء الحفظ:

<<  <  ج: ص:  >  >>