للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الرابعة: أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض، يسوق إسناد حديث فيعرض له عارض فيتكلم بكلام من تلقاء نفسه مناسب لهذا العارض، فيظن السامع أن هذا الكلام هو متن ذلك الإسناد، أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض فيقول كلاماً من قبل نفسه فيظن من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد فيرويه عنه كذلك، ومثال ذلك: ما وقع لثابت بن موسى الزاهد أنه دخل على شريك القاضي وهو يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. ، شريك بن عبد الله بن أبي نمر القاضي يحدث يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. ، فدخل ثابت، ثابت بن موسى الزاهد، وثابت بن موسى الزاهد صاحب صيام وقيام، وجهه كأنه مذهبة، عليه النور والبهاء، فلما ساق شريك القاضي الإسناد السابق ودخل هذا الرجل الذي يتلألأ وجهه قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" هو يقصد ثابت الذي دخل، السامع -الذين سمعوا- قالوا: إن هذا المتن هو لذلك الإسناد الذي ساقه، وثابت أيضاً ممن ظن هذا الظن، فظن أن هذا المتن لذلك الإسناد، فدخل ثابت عليه فلما نظر إلى ثابت قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"، يريد بذلك ثابتاً، فظن ثابت أن ذلك سند الحديث فكان يحدث به بهذا الإسناد، هذا ليس بحديث، وثابت زاهد عابد، وعرفنا أن الزهاد والعباد الذين غفلوا عن معرفة السنن وقعوا في شيء من الوضع، ومثل بعضهم لهذا النوع وجعله من الموضوع، وليس بحديث، رُفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الخطأ، والله المستعان.

لكن هل يضير ثابت؟ هل يأثم ثابت في هذا الصنيع؟ أخطأ بلا شك، وغفل لكنه بصدد ما هو مقبل عليه من عبادة وزهد وانصراف عن الدنيا، نعم، هو مفضول بالنسبة لمن أنصرف إلى العلم؛ فالعلم أفضل من العبادة، العلم أفضل من جميع نوافل العبادات، والله المستعان.

[مدرج المتن:]

القسم الثاني: مدرج المتن:

<<  <  ج: ص:  >  >>