للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله: (جَمِيعًا) ظَاهِره أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الْمَاء فِي حَالَة وَاحِدَة، وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ قَوْم أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا فِي مَوْضِع وَاحِد، هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة، وَالزِّيَادَة الْمُتَقَدِّمَة فِي قَوْله «مِنْ إِنَاء وَاحِد» تَرُدّ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِل اِسْتَبْعَدَ اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء الْأَجَانِب.

وَقَدْ أَجَابَ اِبْن التِّين عَنْهُ بِمَا حَكَاهُ عَنْ سَحْنُون أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ الرِّجَال يَتَوَضَّئُونَ وَيَذْهَبُونَ ثُمَّ تَأْتِي النِّسَاء فَيَتَوَضَّأْنَ، وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر مِنْ قَوْله «جَمِيعًا» ... وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَاب أَنْ يُقَال: «لَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب، وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم».

وقال السندي في حاشيته على (سنن ابن ماجه): «قَوْله (كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء) قِيلَ قَبْل الْحِجَاب، وَقِيلَ بَلْ هِيَ الزَّوْجَات وَالْمَحَارِم».

وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ عَنْ الرَّافِعِيّ أَنَّهُ قَالَ: «يُرِيد كُلّ رَجُل مَعَ اِمْرَأَته قَالَ وَمِثْل هَذَا اللَّفْظ يُرَاد بِهِ أَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا فِي ذَلِكَ الْعَهْد وَكَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَا يُنْكِر عَلَيْهِ وَلَا يُغَيِّرُهُ».

وقَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ: «(نُدْلِي فِيهِ أَيْدِيَنَا): هُوَ مِنْ الْإِدْلَاء، يُقَال: أَدْلَيْت الدَّلْو فِي الْبِئْر وَدَلَّيْتهَا إِذَا أَرْسَلْتهَا فِي الْبِئْر ... وَأَمَّا اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء لِلْوُضُوءِ فِي إِنَاء وَاحِد فَلَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب، وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم».

ثانيًا: عَنْ أُمِّ صُبَيَّةَ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ: «رُبَّمَا اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي الْوُضُوءِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» (رواه أبو داود واين ماجه، وصححه الألباني).

الجواب:

١ - أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة - رضي الله عنه - (١)،


(١) رواه البيهقي في (الدعوات١/ ١٣٥) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>