للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سافرات عن وجههن، وربما كان ذلك في الليل، وبأيديهم الشموع متقدة ... » إلى أن قال: «نسأل الله أن يلهم ولي الأمر إزالة المنكرات»، قال الهيتمي بعد أن نقله: «فتأمَّلْه تجِدْهُ صريحًا في وجوب المنع حتى من الطواف عند ارتكابهن دواعي الفتنة» (١).

ومن مراعاتهم للمنع من الاختلاط في النسك قولهم: لايستحب لها أن تزاحم الرجال لاستلام الحجر الأسود.

وقولهم: لاتقف المرأة على الصفا للدعاء إلاّ إذا خلا المكان عن مزاحمة الرجال، ويكون سنة في حقها إذا خلا المكان.

ومما سبق نخلص إلى أن الشارع حف الحج والعمرة بأحكام تكفل منع الخلطة المحرمة ومن ذلك اشتراط المحرم للمسافرة، ومع ذلك ندب المرأة إلى ترك مزاحمة الرجال، واستحب لها الفقهاء لأجل ذلك ما لم يستحبوه للرجال» (٢).

ثانيًا: إن الإسلام لم يُبِح الاختلاط بين الرجال والنساء إذا خشيت معه الفتنة لا في الطواف ولا في غيره لما يترتب عليه من المفاسد المحققة، كالنظر المحرم وما يتبعه من منكرات، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: «شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنِّي أَشْتَكِي (٣)، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِـ {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)} (الطور: ١ - ٢). (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «إِنَّمَا أَمَرَهَا - صلى الله عليه وآله وسلم -


(١) الفتاوى الفقهية الكبرى، لابن حجر الهيتمي (١/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٢) بتصرف من (الاختلاط بين الواقع والتشريع، دراسة فقهية: علمية تطبيقية في حكم الاختلاط وآثاره)، جمع وإعداد: إبراهيم بن عبد الله الأزرق، (ص ٢٩).
(٣) (أَنِّي أَشْتَكِي) أَيْ أَنَّهَا كَانَتْ ضَعِيفَة لَا تَقْدِر عَلَى الطَّوَاف مَاشِيَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>