للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: من لم يقل بالنسخ حمل هذه الأحاديث على حالة الضرورة.

قال الشيخ الألباني بعد نقله لكلام الحافظ ابن حجر السابق:

«ولكن لا ضرورة ـ عندي ـ لادعاء نسخ هذه الأحاديث ونحوها، وإنما تُحْمَل على الضرورة أو الحاجة لقلة الرجال، وانشغالهم بمباشرة القتال، وأما تدريبهن على أساليب القتال وإنزالهن إلى المعركة يقاتلن مع الرجال كما تفعل بعض الدول الإسلامية اليوم، فهو بدعة عصرية، وقرمطة شيوعية، ومخالفة صريحة لما كان عليه سلفنا الصالح، وتكليف للنساء بما لم يُخْلَقْنَ له، وتعريضٌ لهن لما لا يليق بهن إذا ما وقعن في الأسر بيد العدو. والله المستعان» (١).

ثالثًا: ذِكْرُ حديثين من الأحاديث التي دلت على خروج النساء في الغزو وشرح العلماء لهما باختصار:

١ - عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، قَالَ: «وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ» (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «قَوْله: (أَرَى خَدَم سُوقهَا)، الْوَاحِدَة خِدْمَة، وَهِيَ الْخَلْخَال، وَأَمَّا السُّوق: فَجَمْع سَاق، وَهَذِهِ الرِّوَايَة لِلْخَدَمِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَهْي؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ يَوْم أُحُد قَبْل أَمْر النِّسَاء بِالْحِجَابِ، وَتَحْرِيم النَّظَر إِلَيْهِنَّ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُر هُنَا أَنَّهُ تَعَمَّدَ النَّظَر إِلَى نَفْس السَّاق، فَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ حَصَلَتْ تِلْكَ النَّظْرَة


(١) السلسلة الصحيحة، رقم ٢٧٤٠، (٦/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>