للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باحات فقد غلطَ وجهل (١).

فالحديث ليس صريحًا في الدلالة على اختلاط أم شريك بالرجال، ومن زعم أنها كانت تجلس مع الرجال، فليأت بدليل صريح على ذلك، فغاية ما في الحديث أنها كانت كثيرة الضيفان، كما دلت عليه رواية أخرى لمسلم: «وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِى سَبِيلِ اللهِ يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ»، وخدمة الضيفان من الممكن أن تتم عن طريق المحارم أو العبيد.

والسؤال هنا:

لماذا منع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - أن يراها الناس عند أم شريك في الوقت الذي صرح فيه بأن أم شريك امرأة يغشاها أصحابه المحتاجون إلى نفقتها وضيافتها؟

والجواب:

إن أم شريك امرأة عجوز من القواعد من النساء اللاتي يجوز لهن ما لا يجوز لغيرهن.

قال الإمام ابن عبد البر: «وأما قوله «وأما قوله: « ... تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي؛ اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» ففيه دليل على أن المرأة المُتَجَالة العجوز الصالحة جائز أن يغشاها الرجال في بيتها ويتحدثون عندها، وكذلك لها أن تغشاهم في بيوتهم، ويرونها، وتراهم فيما يحِلّ ويجْمُل وينفع ولا يضر، قال الله - عز وجل -: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} (النور:٦٠)» (٢).


(١) الاختلاط وأهل الخلط للشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي.
(٢) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والاختصار. (٦/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>