للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الخامسة والثمانون:

زيارة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - لأم أيمن - رضي الله عنها - بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:

قالوا: لا مانع من استقبال الزوجة ضيوف زوجها من الرجال، حتى في عدم وجوده، ويحتجون لذلك بزيارة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - لأم أيمن - رضي الله عنها - بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الجواب:

روى مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - لِعُمَرَ: «انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَزُورُهَا»، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: «مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، فَقَالَتْ: «مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ»، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.

ويقال في ذلك ما قيل في جواب الشبهة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة (١) من أن هذا محمول على ما إذا وُجِدَتْ الدواعي إلى الدخول عليها عند غيبة زوجها ومحارمها، وأُمِنَتْ الفتنة، وبَعُد التواطؤ منهم على الفاحشة، لا على الإطلاق.

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من (صحيح مسلم): «فِيهِ ... زِيَارَة جَمَاعَة مِنْ الرِّجَال لِلْمَرْأَةِ الصَّالِحَة، وَسَمَاع كَلَامهَا» (٢).

ثم إن أم أيمن كانت حاضنة النبى - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد توفي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعمره ثلاث وستون سنة، فكم كان عمر أم أيمن بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين زارها أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -؟


(١) انظر ص.
(٢) شرح صحيح مسلم (١٦/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>