للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرح هذا الحديث: « ... وَتَقْدِير الْكَلَام اِتَّقُوا أَنْفُسكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاء وَالنِّسَاء أَنْ يَدْخُلْنَ عَلَيْكُمْ ... ، وَتَضَمَّنَ مَنْعَ الدُّخُول مَنْع الْخَلْوَة بِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى» (١).

٤ - هذا الأمر مجرد استفسار عن حكم شرعي لمعرفة صيام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من عدمه يوم عرفة، وأين هذا الشيء العارض في مكان عام مع وجود المحارم من الاختلاط الذي قد يدوم لساعات بدون محارم (٢).

٥ - إن صح الاستدلال بذلك على جواز الْمُنَاظَرَةُ فِي الْعِلْم بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الأجنبيات، فكيف ستكون صفته؟ هل كما يتخيل دعاة الاختلاط الرجال والنساء جالسون أمام بعضهم البعض والنساء كاشفات عن وجوههن وبعض أجسامهن ينظر بعضهم إلى بعض كما هو الحال اليوم؟

أم كان ذلك من وراء الحجاب؟ كما في حديث مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: «سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ ... ». (رواه البخاري ومسلم). وحديث يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ: « ... فَقَالَتْ عَائِشَةُ ـ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ ـ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي» (رواه البخاري)، وقال الإمام البخاري في ترجمة عبد الله أبي الصهباء الباهلي: «ورأى سِتْرَ عائشة - رضي الله عنها - في المسجد الجامع، تُكَلِّم الناس من وراء السِّتر، وتُسأل من ورائه» (٣).

وليس هذا مختصًا بأمهات المؤمنين بل كانت النساء إذا تعلّمن أو عَلّمن يكون


(١) فتح الباري (٩/ ٤٠٠ - ٤٠١).
(٢) راجع: هل يقاس اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر؟ ص ٧٨ من هذا الكتاب.
(٣) التاريخ الكبير (ترجمة رقم ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>