للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصهار ونحوهم بحضرة محارمها وهي متحجبة (١).

ومما قد يلحق بذلك ما قد يضطر إليه الناس للأكل في مكان فيه رجال ونساء ومعها أحد محارمها في السفر أو في مِنًى أيام الحج مثلًا، فتأكل وهي منتقبة كما تُضطر إلى فعله بعض النساء في عصرنا الحاضر، فمثل هذا لا يستنكر.

فكيف يُفهم عن الإمام مالك - رحمه الله - جواز أكل المرأة مع غير محارمها وقد قال: «أرى للإمام أن يتقدم إلى الصُّنَّاع في قعود النساء إليهم، وأرى ألا تترك المرأة الشابة تجلس إلى الصُّنَّاع» (٢).

فإذا كان - رحمه الله - يمنع من مجرد جلوس النساء مع الرجال الأجانب في الطرقات، فكيف يبيح الأكل معهم.

ولا يُتَصَوَّرُ أن يقصد الإمام مالك ما يحدث في بعض البيوت من أكل النساء مع الرجال غير المحارم، مع كشف النساء لوجوههن، بل وغير وجوههن، بزينة وبغير زينة، مما ينتج عنه كثير من المخالفات الشرعية من النظر والإعجاب وتعلق القلب واللمس بل وأحيانًا الفاحشة، وهذا الواقع لا ينكره إلا مكابر.

إن من الإنصاف أن يُفهم كلام الإمام مالك في ضوء الواقع الذي كان يعيش فيه الإمام مالك - رحمه الله - حيث الأصل أن النساء محتجبات لا يراهن غير محارمهن، والاختلاط هو الاستثناء، ومن التعسف فهم كلامه في ضوء واقعنا المعاصر حيث الأصل اختلاط النساء بالرجال غير المحارم، والاحتجاب هو الاستثناء.


(١) الجهد وحده دون مستند شرعي في إباحة الاختلاط لا يكفي لإثبات الأحكام، علي أبا بطين، عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية بالقصيم.
(٢) البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة لابن رشد القرطبي المالكي (٩/ ٣٣٥) تحقيق: د/ محمد حجي وآخرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>