للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليق على تفسير القرطبي

سورة الحج

من آية: (٤١ - ٥٢)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [(٤١) سورة الحج].

قال الزجاج: {الَّذِينَ} في موضع نصب رداً على (من) يعني في قوله: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} [(٤٠) سورة الحج] وقال غيره: {الَّذِينَ} في موضع خفض رداً على قوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} [(٣٩) سورة الحج] ويكون {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} [(٤١) سورة الحج] أربعة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن في الأرض غيرهم .. .

هذا الوصف الذي ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن مكن يحتمل أن يعود على المنصوب في قوله: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} يعني ينصره الذين إن مكناهم هم الذين إن مكناهم أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف إلى آخره، وهؤلاء يستحقون النصر، وهذه مقومات النصر، ويحتمل أن يكون مجروراً صفةً أو بدلاً من: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ} الاحتمال قائم باعتبار أن اللفظ لا يتغير من حالة النصب أو الجر، {الَّذِينَ} سواءً كان منصوباً أو مجروراً، فاتفاق علامة الإعراب وهي الياء في حالتي النصب والجر جعل الاحتمال قائماً، مع أن المعنى يحتمل ذلك، مع أن الأقرب أن يكون وصفاً لمن ينصره الله -جل وعلا-؛ لأن هذه مقومات النصر؛ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهؤلاء على كل حال يستحقون النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>