للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ حِيْنِ القِسْمَةِ والقَبْضِ (١)؛ لأنَّ بِذَلِكَ يَسْتَقِرُّ مُلْكُهُ، وهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَةٍ ضَعِيْفَةٍ، وَهُوَ أنَّ المَالَ الضَّالَّ والمَغْصُوبَ والصِّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لاَ تَجِبُ فِيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ويَسْتَقِرَّ مُلْكُهُ عَلَيْهِ (٢)، والصَّحِيْحُ مِنَ المَذْهَبِ: أنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ إلى مدة مَظْنُوناً، كَذَلِكَ هَذَا الرِّبْح، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالدَّيْنِ، وإِنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ، وإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْ مَالِ المُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ؛ لأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ المَالِ ويُحْتَمَلُ جَوَازُ ذَلِكَ؛ لأنَّهُمَا دَخَلاَ عَلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ، ومِنْ حُكْمِهِ وُجُوْبُ الزَّكَاةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنَ المَالِ.

وإِذَا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيْكَي العِنَانِ (٣) لِصَاحِبِهِ في إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ، فَأَخْرَجَاهَا مَعَاً، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيْبَ صَاحِبِهِ (٤)، فَإِنْ أَخْرَجَهَا أحدهما قَبْلَ الآخَرِ (٥) /٦٩ و/ ضَمِنَ الثَّانِي نَصِيْبَ الأَوَّلِ، عَلِمَ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (٦).

بَابُ زَّكَاةِ المَعْدِنِ (٧)

مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ في أَرْضٍ مُبَاحَةٍ، أو مَمْلُوْكَةٍ نِصَاباً مِنَ الذَّهَبِ أو الفِضَّةِ، أو مِمَّا يبْلُغُ قِيْمَتُهُ نِصَاباً مِنْ سَائِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ المَعْدِنِ (٨) كَاليَاقُوْتِ والزَّبَرْجَدِ والعَقِيْقِ والفَيْرُزَجِ والزُّجَاجِ والصُّفْرِ والزِّئْبَقِ والمُومِيا (٩) والكُحْلِ


(١) انظر: المغني ٢/ ٦٣٤.
(٢) انظر: الروايتين والوجهين ٤٣/ ب.
(٣) وهي الشركة الّتي يتساوى فيها الشريكين في المال والتصرف. انظر: المبدع ٥/ ٣، ودليل الطالب ١/ ١٣٦، وسيأتي في: ١/ ٣٥١.
(٤) قال في المغني ٢/ ٦٣٥: ((ويحتمل أن لا يضمن إذا لم يعلم بإخراج صاحبه)).
(٥) تكررت في الأصل.
(٦) انظر: المغني ٢/ ٦٣٥.
(٧) المعدن - بكسر الدال -: موضع الإقامة واللزوم، وسمي كذلك؛ لأن أهله يقيمون فيه ولا يتحولون عنه شتاءً ولا صيفاً. انظر: الصحاح ٦/ ٢١٦٢، واللسان ١٣/ ٢٧٩ (عدن).
(٨) قال في الشرح الكبير ٢/ ٥٨٠: ((وقال مالك والشافعي: لا تتعلق الزكاة إلا بالذهب والفضة؛ لقول النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ زكاة فِي حجر)). - أخرجه ابْن عدي فِي الكامل ٦/ ٤٢، والبيهقي ٤/ ١٤٦ من حَدِيْث عَبْد الله بن عَمْرو بن العاص. والحديث ضعيف؛ لضعف عُمَر بن أبي عُمَر الكلاعي -، وَقَالَ أبو حَنِيْفَةَ فِي إحدى الرّوايتين: تتعلق الزكاة بكل مَا ينطبع كالرصاص والحديد والنحاس دُوْنَ غيره، وللحنابلة عموم قوله تَعَالَى: {وممّا أخرجنا لَكُمْ من الأرض} (البقرة: ٢٦٧))).
انظر: الأم: ٢/ ٦٢، والتهذيب: ٣/ ١١٤ - ١١٥، وبدائع الصنائع: ٢/ ٦٥، والحجة عَلَى أهل المدينة: ١/ ٤٣٠.
(٩) دواء معروف يحفظ به الأجسام أو طين وماء يتخذ لحفظ أجسام الموتى من الفساد. انظر: معجم متن اللغة ٥/ ٣٧٢.

<<  <   >  >>