للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ ومَا يُوْجِبُ الكَفَّارَةَ

ومَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ أو اسْتَعَطَّ (١) أو اكْتَحَلَ بِمَا يَصِلُ إلى جَوْفِهِ، أَو قَطَرَ في أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلى دِمَاغِهِ، أو دَاوَى المَأْمُومَةَ (٢)، أو الجَائِفَةَ (٣) بِمَا يَصِلُ إلى جَوْفِهِ، أو احْتَقَنَ، أو احتَجَمَ، أو حَجَمَ (٤)، أو اسْتَقَاءَ (٥)، أو اسْتَمْنَى ذَاكِراً للصَّوْمِ عَالِماً بالتَّحْرِيْمِ بَطَلَ صَوْمُهُ، وعَلَيْهِ أنْ يُمْسِكَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ويَقْضِي، وإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أو جَاهِلاً بالتَّحْرِيْمِ أو مُكْرَهاً لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ (٦).

وإِذَا قَطَرَ في إِحْلِيْلِهِ أو طَارَ إلى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أو غُبَارٌ، أو أَصْبَحَ وفي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ. وإنْ تَمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ فَوَصَلَ المَاءُ إلى جَوْفِهِ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ (٧) فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ فِيْهِمَا أو بَالَغَ / ٨٠ ظ / في الاسْتِنْشَاقِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ (٨).

وإِذَا طَلَعَ عَلَيْهِ الفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ، فَعَلَيْهِ القَضَاءُ والكَفَّارَةُ، وإِنْ نَزَعَ فَكَذَلِكَ أَيْضاً عَلَى قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ وشَيْخِنَا (٩)، وَقَالَ أبو حَفْصٍ: لاَ قَضَاءَ ولاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (١٠).


(١) السَّعُوط والصَّعُوط: اسم الدواء يصب في الأنف. لسان العرب ٧/ ٣١٤ (سعط). والمراد هنا: أن يدخل شيئاً في أنفه دواءً كان أو غيره.
(٢) هِيَ جرح يصل إلى أم الرأس، فَلاَ يبقى بينها وبين الدماغ إلا جلدة رقيقة تحيط بالدماغ تدعى: ((أم الرأس)). انظر: الفائق في غريب الحديث ١/ ٥٧، والنهاية ١/ ٦٨، ولسان العرب ٢/ ٣٠٣.
(٣) هِيَ الطعنة الَّتِي تصل إلى الجوف. انظر: غريب الحديث للخطابي ٢/ ٣٢٨، والفائق ١/ ٢٤٦، ولسان العرب ٩/ ٣٤، والمطلع: ٣٦٧.
(٤) لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفطر الحاجم والمحجوم)).
رَوَاهُ عَبْد الرزاق (٧٥٢٣)، وأحمد ٣/ ٤٦٥، والترمذي (٧٧٤)، وفي العلل الكبير (٢٠٨)، وابن خزيمة (١٩٦٤) و (١٩٦٥)، وابن حبان (٣٥٣٥)، والحاكم ١/ ٤٢٨، والبيهقي ٤/ ٤٦٥، من حديث رافع بن خديج.
(٥) أي: حاول إخراج القيء من جوفه متعمداً. انظر: الشرح الكبير ٣/ ٣٨.
(٦) انظر: المغني ٣/ ٤٨، وشرح الزركشي ٢/ ٢٧ - ٢٨.
(٧) لأن المفطر وصل إلى جوفه من غير إسراف ولا قصد فأشبه ما لَوْ طارت ذبابة إلى حلقه، ففارق حالة المتعمد. وانظر: المغني ٣/ ٤٤.
(٨) أحدها: يفطر؛ لأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عَنْ المبالغة حفظاً للصوم، فدلّ ذَلِكَ عَلَى أنَّهُ يفطر بِهِ، ولأنه وصل بفعل منهي عَنْهُ فأشبه التعمد.
والثاني: لا يفطر بِهِ؛ لأنه وصل من غَيْر قصد فأشبه غبار الدقيق إذا نخله. المغني ٣/ ٤٤.
(٩) انظر: المغني ٣/ ٦٣.
(١٠) قَالَ ابن قدامة: ((وهذه المسألة تقرب من الاستحالة، إذ لا يكاد يعلم أول طلوع الفجر عَلَى وجه يتعقبه النزع - من غَيْر أن يَكُوْن قبله شيء من الجماع، فَلاَ حاجة إِلَى فرضها، والكلام فِيْهَا)).
المغني ٣/ ٦٣.

<<  <   >  >>