للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِطَلَبِ النَّجْعَةِ (١) إِذَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بالنَّاسِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنَ الرَّعِيَّةِ فِعْلُ ذَلِكَ ومَا حَمَاهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ لأَحَدٍ نَقضُهُ، ومَا حَمَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّةِ فَهَلْ لِمَنْ بَعْدَهُ تَغْيِيْرُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٢). ومَا أَحْيَاهُ المُسْلِمُ مِنْ أَرَاضِي الكُفَّارِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا لَمْ يَمْلِكْهُ بالإِحْيَاءِ.

كِتَابُ اللُّقَطَةِ (٣)

اللُّقَطَةُ: هِيَ المَالُ الضَّائِعُ مِنْ رَبِّهِ إِذَا كَانَ يَتَمَوَّلُ وتَتَبَّعُهُ الهِمَّةُ، فَأَمَّا التَّمَرَةُ والكِسْرَةُ وشَسْعُ النَّعْلِ (٤)، ومَا أَشْبَهَهُ فَيُبَاحُ الانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيْفٍ.

ومَنْ وَجَدَ لُقْطَةً نَظَرَ في حَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا ضَمِنَهَا، وإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا قَوِيَ عَلَى تَعْرِيْفِهَا فَهُوَ بالخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهَا وتَرْكِهَا، والأَفْضَلُ تَرْكُهَا عَلَى ظَاهِرِ كَلاَمِهِ، وعِنْدِي: إِنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ لاَ يَأْمَنْ عَلَيْهَا فالأَفْضَلُ تَرْكُهَا، وإِذَا أَخَذَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَفِظُهَا، فَإِنْ رَدَّهَا إِلى مَوْضِعِهَا ضَمِنَ ثُمَّ يُعَرِّفُ جِنْسَهَا وقَدْرَهَا وعِفَاصَهَا (٥) ووكَاءهَا، ويُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا، ويَجِبُ عَلَيْهِ تَعْرِيْفُهَا شَهْراً (٦) سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَو حِفْظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا.

والتَّعْرِيْفُ أَنْ يُنَادِيَ عَلَيْهَا في المَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ، وعَلَى أَبْوَابِ المَسَاجِدِ وَفِي


(١) النجعة: طلب الكلأ ومساقط الغيث. انظر: المعجم الوسيط: ٩٠٤.
(٢) الأول: يجوز نقضه؛ لأن حمى الأئمة اجتهاد وملك الأرض بالإحياء نَصَّ، والنص يقدم عَلَى الاجتهاد.
والثاني: لاَ يجوز نقضه لأن اجتهاد الإِمَام لاَ يجوز نقضه، كَمَا لا يجوز نقض حكمه. انظر: المغني ٦/ ١٦٨، والإنصاف ٦/ ٣٨٨.
(٣) اللُّقْطَةُ - بتسكين القاف -: الشيء المُلتقط، وبالتحريك: الرجل اللَّقَاطَةُ. انظر: العين ٥/ ١٠٠، وتهذيب الأسماء واللغات ٣/ ١٢٨، واللسان ٧/ ٣٩٣.
(٤) قَالَ المرداوي في الإنصاف ٦/ ٣٩٩ - ٤٠٠: ((نَصَّ الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ في رِوَايَة عَبْد الله وحنبل: أَنَّهُ مَا كَانَ مِثْل التمرة والكسرة والخرقة وما لا خطر لَهُ فَلاَ بأس، وَقَالَ في رِوَايَة ابن منصور: الَّذِي يعرّف من اللقطة: كُلّ شيء إلا مَا لا قيمة لَهُ، وسئل الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - في رِوَايَة حرب: الرجل يصيب الشسع في الطَّرِيق: أيأخذه؟ قَالَ: إذا كَانَ جيداً مِمَّا لا يطرح مِثْلَهُ فَلاَ يعجبني أن يأخذه، وإن كَانَ رديئاً قَدْ طرحه صاحبه: فَلاَ بأس)).
(٥) العِفَاص: صمام القارورة. اللسان ٧/ ٥٥ (عفص).
(٦) اختلف في تحديد مدة التعريف فذهب الخرقي إلى أن التعريف يَكُون سنة، وَلَمْ نر من قَالَ: التعريف شهراً. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٩٥/ب، والمغني ٦/ ٣٢٠، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٦٣٢، والإنصاف ٦/ ٤١١.

<<  <   >  >>