للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القِصَاصُ (١)، فانْ رمَى حَربياً فأصَابهُ السَّهمُ بعدَ إسلامِهِ فلا قَودَ ولا دِيةَ كمَا لو رَمَاهُ يَظنّهُ حَربِياً فَبانَ أَنهُ قد أسلَمَ وكَتمَ إيمانَهُ وإن رمى مُرتَدَّاً فوقَعَ السَّهمُ فيه بعدَ أَنْ أسلَمَ فلا قَودَ وهَل يلزمُهُ دِيةٌ؟ يحَتمِلُ وجَهيِن (٢)، واختَلفَتِ الرِوايَةُ هل يكاِفيءُ دمُ واحدٍ دمَ جمَاعةٍ فَيقتل /٣٥٧ و/ عَنْهُ لاَ يقتلُ الجَماعَة بالواحِدِ (٣)، ونقلُ عَنهُ يقتلونَ بِهِ، وهوَ اختِيارُ عامَّةِ شُيوخِنا (٤)، وَعلَيها يقعُ التفَّرِيعُ وأمَّا الآلةُ التي يُقتلُ بها غالباً فنذكرُهَا فِي بَابِ الجناياتِ الموجبةِ للقصَاصِ، وأما شِبهُ العَمدِ والخطأُ وما يجرِي مجرى الخَطَأ فذكَرَهُ في بَابِ الدياتِ إن شَاءَ اللهُ تَعالى.

بَابُ الجنَايَاتِ المُوجِبَةِ للقصَاصِ َوذِكرُ مَا تَقَعُ بِهِ الآلةُ

إذا خَرجَ مَن يُكافئهُ بمالهِ مور (٥) في البدنِ من حَديدٍ أو غَيرِهِ فَمَاتَ فعلَيهِ القَودُ إلا إنْ يَغرِزَهُ بابرةٍ ونحوِهَا في غيِر مَقتلٍ فيَموتَ في الحالِ فَعلَى وجهَينِ قال ابنُ حامدٍ لا قَودَ عَلَيهِ (٦)، وقالَ غيرهُ عليه القَودُ، واتفَقوا أنهُ إن بَقي مِن ذَلِكَ سقماً حتى مَاتَ أو كَانَ الغرزُ بهَا في مَقتلٍ كَالعَينِ والفُؤادِ والخِصيتَينِ أن علَيهِ القَودُ، فَإنْ ضَربَهُ بمثقَّلٍ كَبيرِ كاللّتِ (٧)، والكوذين (٨)، والسندانِ (٩)، فعَلَيهِ القَودُ، وإنْ ضَربَهُ بمثقَّلٍ صَغيرِ كالسَّوطِ والعصَا الصَّغير ونحو ذَلِكَ في مَقتَلٍ أو كَرّر بهِ الضَّربَ أو كَانَ ذَلِكَ في حَالِ ضَعفِ قوَّةٍ أو في حَرٍ أو بَردٍ فعلَيهِ القَودُ فإنْ حَبسَهُ ومنعهُ الطَّعامَ والشَّرابَ حتى مَاتَ جوعَاً وعَطَشَاً أو طَرحَهُ في زبية (١٠)، فيها أَسَدٌ أو كَتَّفهُ وانهشَهُ كَلباً أو السَعَهُ حَيَّهً أو عَقربَاً مِنَ القَواتلِ غَالِباً وَجبَ علَيهِ القَودُ، فإنْ طَرحَهُ في أرضٍ مُسبعَةٍ أو ذاتِ حَياتٍ فَقَتَلتْهُ السِّباعُ أو


(١) انظر: الرُوَايَتَين والوجهين ١٦١ /أ، والشرح الكبير ٩/ ٣٦٥.
(٢) انظر: الكافي ٤/ ٥٨.
(٣) نقله حنبل: الرُوَايَتَين والوجهين ١٦٠/ أ، والمغني ٩/ ٣٦٦، والكافي ٤/ ٩، وشرح الزركشي
٣/ ٥٥٤ - ٥٥٥.
(٤) نقله الجماعة منهم أبو طالب، وحرب، وابن منصور، الرُوَايَتَين والوجهين ١٦٠ /ب، وانظر: شرح المغني ٩/ ٣٦٦، والكافي ٤/ ٩، وشرح الزركشي ٣/ ٥٥٤ - ٥٥٥.
(٥) بمعنى الاضطراب: انظر: المعجم الوسيط: ٨٩١، ولسان العرب ٥/ ١٨٦.
(٦) انظر: المغني ٣/ ٣٢٢، والكافي ٤/ ١٢، وشرح الزركشي ٣/ ٥٤٠ - ٥٤١.
(٧) اللت: بمعنى الدق. انظر: لسان العرب ٢/ ٨٣.
(٨) الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقيق الثياب. انظر: كشف القناع ٥/ ٥٠٦.
(٩) مُدُقُ الطيب. انظر: معجم متن اللغة ٣/ ٢٢٣.
(١٠) حفره في موضع عالٍ تغطي فوهتها، فإذا وطئها الأسد وقع فيها. انظر: المعجم الوسيط: ٣٨٩.

<<  <   >  >>