للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَهَادَتِهُمُا، وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِحقٍ فَأقَامَ المَشهودُ عَلَيْهِ البَيِّنة أنَّهُما فَاسِقانِ لَمْ يَحكُمِ الْقَاضِي بِشَهادَتِهِمَا وَتُسمَعُ البَينةُ عَلَى الجُرحِ إذَا ثَبتوا سَبَبَهُ فَلاَ يُقبَلُ في ذَلِكَ إلاَّ شَاهِدانِ وَشَاهِدُ الزُّورِ يُعَزرُ ويُطافُ بِهِ في بَلدِهِ فَيُقالُ: إنَّا وَجَدنا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاجتَنِبوهُ، ولا تُقبَلُ الشَّهادَةُ إلاَّ بِلَفظِ الشَّهادَةِ /٤٥٧ و/ فإنْ قَالَ: أعْلمُ أو أحقُّ لَمْ يحكمْ بذَلِكَ.

بَابُ الشَّهادَةِ عَلَى الشَّهادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهادَةِ

تُقبَلُ الشَّهادَةُ عَلَى الشَّهادَةِ في حُقوقِ الآدَمِيينَ المُتعلِّقةِ بالمَالِ كَالدُّيونِ (١) وَالغُصُوبِ وَالعُقودِ وَالخِياراتِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، فأمَّا القِصاصُ وَحَدُّ القَذفِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ:

إحداهما: تُقبلُ أيضاً (٢)، وَالثَّانِيَةِ: لا تُقبلُ (٣) وَلا تُقبلُ فِيْمَا يُوجِبُ حَداً للهِ تَعَالَى كالزِّنَا وَاللِّواطِ وَشُربِ الخَمرِ وَالسَّرِقَةِ وَالقَتلِ (٤) أو غَيبَةِ شُهُودِ الفرعِ إلاَّ أنْ يَتَعذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الأصلِ بِمَوتٍ أو مَرَضٍ أو غَيبَةٍ عَلَى مَسافَةٍ تُقصَرُ في مِثلِها الصَّلاَةُ، وَقِيلَ: لا تُقبلُ شَهادَتُهم إلاَّ بَعدَ مَوتِ شُهودِ الأصلِ ولا يَجوزُ لِشَاهِدِ الفَرعِ أنْ يَستَدعِيَهُ شَاهِدُ الأصْلِ بأنْ يَقُولَ لَهُ: أشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي أنِّي أشَهَدُ أنَّ فُلاناً بنُ فُلاَنٍ وَقَدْ عَرَفتُهُ بِعَينِهِ وَاسمِهِ ونَسَبِهِ أقرَّ عِندِي وأشهَدَني عَلَى نَفْسِهِ طَوعاً بِكَذا وكَذَا فأمَّا إنْ سَمِعهُ يَقُولُ: أشْهَدَني فُلاَنٌ بِكَذَا أو شَهِدتُ عَلَيْهِ بِكَذَا أو أقَرَّ عِندِي بِكَذَا لَمْ يَجُزْ أنْ يَشهَدَ فإنْ سَمِعَهُ يَشهَدُ عِنْدَ الحَاكِمِ بِحقٍ أو يَشهَدُ عَلَى إنسَانٍ بِحقٍ يُعزِّيِهِ إلى سَبَبٍ من بَيعٍ أو إجَارَةٍ أو قَرضٍ فَهلْ يَشهَدُ بِذَلِكَ يَحتَمِلُ وَجهَينِ (٥). وَلاَ مَدخَلَ لِلنِّساءِ مَعَ شُهُودِ الفَرعِ في إحدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٦)، وَعَنْهُ يَدخُلونَ مَعَ شُهودِ الفَرعِ (٧) فَيَشهدُ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ، وامرَأتانِ علَى امرَأتينِ، فإنْ شَهِدَ رَجُلانِ عَلَى شَهادَةِ رَجُلٍ وامرَأتَينِ جَازَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لا يَجوزُ لأنَّ أحمدَ -رَحِمَهُ اللهُ - قَالَ في رِوَايَةِ حَربٍ: لا يَجوزُ شَهادَةُ رَجُلٍ عَلَى شَهادَةِ امرَأةٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَة إنْ صَحَّتْ عَن حَربٍ فَهِيَ سَهوٌ مِنْهُ فَإنَا إذَا قُلنا شَهادَةُ امرأةٍ عَلَى شَهادَةِ امرَأةٍ تُقبلُ فَأولى أنْ تُقبلُ شَهادَةُ رَجُلٍ عَلَى شَهادَتِهِا فَإنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ أقوَى بِكُلِّ حَالٍ، ولأنَّ في هذِهِ الرِّوَايَة أنَّهُ قَالَ: أَقبَلُ شَهادَةَ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلينِ وَهَذا مِمَّا لا وَجهَ لَهُ فإنَّ رَجُلاً


(١) في الأصل ((كالديوان)).
(٢) انظر: المغني ١٢/ ٩٤، والشرح الكبير ١٢/ ١٠٢، والزَّرْكَشِيّ ٤/ ٥٠٦.
(٣) انظر: المغني ١٢/ ٩٤، والكافي ٤/ ٥٥٠، والشرح الكبير ١٢/ ١٠٢، والزَّرْكَشِيّ ٤/ ٥٠٦.
(٤) في الأصل ((ولاتقبل)).
(٥) انظر: المقنع: ٣٥١، والمغني ١٢/ ٩٤، والمحرر ٢/ ٣٤٠، والشرح الكبير ١٢/ ١٠٥.
(٦) انظر: الهادي: ٢٧٢، والمحرر ٢/ ٣٤١، والشرح الكبير ١٢/ ١١٠.
(٧) انظر: المقنع: ٣٥١، والهادي: ٢٧٢، والمحرر ٢/ ٣٤٢.

<<  <   >  >>