للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة). فقال: يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء بالقوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماءً ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون, فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد أشرت بالرأي). فنهض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من الناس فسار حتى أدنى ماء من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقُلُب فغُورت وبنى حوضاً على القليب الذي نزل فملأه ماءً ثم قذفوا فيه الآنية.

ومن ذلك ما رواه ابن هشام عن ابن إسحاق في إشارة سعد بن معاذ قال يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعد عنك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك, فأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيراً ودعا لهم بخير ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عريشُ فكان فيه. (١) ثم لما انتهت غزوة بدر الكبرى بانتصار المسلمين على المشركين وقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين آخرين, ولم يكن الحكم الشرعي في الأسرى قد نزل استشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل بدر في الأسرى فظهرت ثلاثة آراء:

الرأي الأول أن تؤخذ الفدية من الأسرى وبه قال معظم أهل بدر وفي مقدمتهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقد ذكر أصحاب السير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاور أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في شأن أسرى بدر فقال أبو بكر: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة أرى أن نأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة وعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام فيكونوا لنا عضداً، وفي لفظ أرى أن تأخذ منهم الفدية فتكون لنا


(١) - انظر في ذلك السيرة النبوية لابن هشام - حققها وضبطها ووضع فهارسها مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي - الناشر دار إحياء التراث العربي - بيروت، وهذا النص هو الذي ساقه ابن هشام في السيرة ج٢ص٢٧٢و٢٧٣، وأصل القصة في صحيح البخاري في كتاب المغازي في باب قول الله تعالى: (إذ تستغيثون ربكم) وفي صحيح مسلم في كتاب الجهاد والسير باب غزوة بدر حديث ١٧٧٩.

<<  <   >  >>