للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة وإنما المراد بهم أهل الإختصاص والخبرة بالأمور السياسية والتشريعية والاقتصادية والثقافية والحرفية. قال ومما سبق يتبين أن الإسلام في تقريره أصل الشورى في نظام الحكم أنه عدو للاستبداد السياسي والتحكم الفردي والطغيان الدكتاتوري فلا يقبل من مخلوق مهما كان معتزاً برأيه أن يفرض على مجتمعه آراءه الخاصة التي لا تنضجها الشورى ولا تصدر عن خبرة ووعي للماضي والحاضر والمستقبل فإن الشورى ترشد للخير حتى لصالح المستبد وشعبه وهي المجال المتعين لترجيح رأي على غيره. (١)

قلت وهذا الكلام في غاية من الجودة, ففائدة الشورى تتمحور في إلزاميتها, فهي التعبير الحقيقي عن وحدة الأمة وحريتها, ولا مناص من العمل بالشورى إذا ما أرادت الأمة أن تسير على منهج الله. وقد قال الدكتور محمد أبو فارس أن القول بأن الشورى ملزمة تقتضيه المصلحة العامة وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله (٢). وإلى ذلك انتهى خالد أبو سمرة في دراسته الشورى في الإسلام إلى ترجيح الرأي القائل بالشورى وإلزاميتها. (٣) والأدلة من الكتاب والسنة تقتضي ذلك وأن الحكم هو إلزامية الشورى سواءً كان ذلك في الوظائف الهامة كما ورد في حديث: (لو كنت مؤمراً أحداً من غير مشورة لأمرت ابن أم أعبد) (٤) , أو في غير ذلك. فقد ورد في حديث آخر النهي عن الانفراد بالرأي كما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: قلت يا رسول الله إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فما تأمرنا؟ قال صلوات الله وسلامه عليه: (شاوروا فيه العلماء والعابدين ولا تمضوا فيه رأي خاصة) (٥) , والحديث جاء بصيغة الأمر والأمر في صيغة افعل يدل على الوجوب ما لم ترد قرينة تصرفه إلى الندب كما هو


(١) - انظر حق الحرية في العالم للدكتور وهبه الزحيلي - ص١٦٦ - ١٧٠ بتصرف - الطبعة الأولى ١٤٢١هـ - ٢٠٠٠م دار الفكر المعاصر - بيروت - لبنان - دمشق.
(٢) - انظر حكم الشورى في الإسلام لمحمد أبو فارس ص ١٨٩.
(٣) - الشورى في الإسلام ص ١٢٣.
(٤) - سبق تخريجه.
(٥) - انظر مجمع الزوايد ومنبع الفوائد - لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - كتاب العلم - باب في الإجماع - حديث رقم ٨٣٤، وقال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثوقون من أهل الصحاح.

<<  <   >  >>