للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضف إلى ذلك أنه قد يتعلق موضوع الشورى في مجلس التشريع بأمر فني بحت أو بأمر يتطلب موضوعه خبرة خاصة لا يصلح لعامة الناس إبداء الرأي فيه وإنما يرجع فيه إلى أهل الإختصاص من العلماء فيكون الأخذ بنظام التمثيل النيأبي ضرورة لا مناص من الأخذ بها من أجل تحقيق المصلحة العامة وتمثيل الأمة عن طريق نوابها للمشاركة في اتخاذ القرار وإقامة فريضة الشورى التي أمر الله بها.

وسيجد المتتبع للهدي النبوي أساساً ومستنداً لنظام التمثيل النيأبي من سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن ضرب على يده وبايعه سبعون رجلاً من الأنصار قال: (إن موسى أخذ من بني إسرائيل اثني عشر نقيباً, فلا يجدن منكم أحد في نفسه أن يؤخذ غيره فإنما يختار لي جبريل, فلما تخيرهم قال للنقباء: أنتم كفلاء على غيركم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي. قالوا: نعم) (١) , والحديث واضح الدلالة في أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد سن فكرة اثني عشر رجلاً ليكونوا (نواباً) عن قومهم وكفلاء عليهم.

وسبق أن أوردنا قصة استشارته صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه في غزوة بدر فقام المقداد بن عمر البهراني فقال: والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى تنتهي إليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -وإنما يريد الأنصار- (أشيروا عليّ أيها الناس، فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار كأنك يا رسول الله تريدنا. قال: أجل. قال: فامض يا نبي الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل واحد. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيروا على بركة الله فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين) (٢) , وفي ذلك تقرير لنيابة سعد وتمثيله للأنصار فقد ناب سعد بن معاذ رضي الله عنه عن الأنصار جميعاً.


(١) - الطبقات الكبرى تأليف محمد بن سعد بن منيع الزهري (توفي ٢٣٠هـ) دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان ج١ / ص١٠٧.
(٢) - ابن سعد في الطبقات الكبرى ج٢ - ص ٢٥٥.

<<  <   >  >>