للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يضاف إلى ذلك أمر ثالث هو اختيار رئيس الدولة بطريق الانتخاب غير المباشر أو تزكيته ثم انتخابه من قبل الشعب بطريق الانتخاب المباشر.

وقد سبق أن بينا قصة أهل الشورى الذين اختارهم عمر رضي الله عنه ويستفاد من ذلك جواز تزكية الرئيس أو الخليفة من قبل أهل الشورى أو المجلس النيأبي ثم انتخابه من قبل الشعب واعتبار ذلك بمثابة البيعة أو انتخاب من قبل المجلس النيأبي بطريق الانتخاب غير المباشر.

كما يجوز في النظام الملكي تزكية ولي العهد أو الملك أيضاً, أما الوظيفة التشريعية فسبق أن أوردنا من الأدلة ما يكفي لجواز قيام المجتهدين وأهل التخصص بإصدار تشريعات فيما لا نص فيه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما يكفي لتحقيق الصالح العام ضمن ضوابط الاستنباط المعروفة في الفقه الإسلامي, كما سنأتي قريباً على ما نختاره من ضوابط التصويت, غير أننا قبل ذلك نشير إلى الفرق الذي يأتي في الأنظمة البرلمانية (مجالس الشورى) في الدول التي لا تتخذ الإسلام منهجاً لها, في التشريع والدول التي تتخذ الإسلام والتشريع الرباني أساساً حيث يكمن الفرق في أن البرلمانات المعاصرة التي لا تتخذ الإسلام منهجاً لها أن السلطة التشريعية تملك أن تصدر من القوانين ما تشاء دون أن تكون ملتزمة بأي ضوابط أو قيود سوى عدم معارضة ما تسنه من قوانين لأحكام الدستور، والهيئة المختارة لوضع الدستور تملك وضع ما تراه في الدستور عدا مراعاة الاعتبارات والظروف التي تم اختيارهم وتعيينهم فيها, وكثيراً ما تكون هذه الهيئة خاضعة لاعتبارات مفروضة عليها مادياً أو معنوياً (١) , أما الدول التي تأخذ بالإسلام منهجاً فإنها تكون مقيدة بضوابط الشريعة, فالشريعة هديها متكامل وهي صالحة لكل زمان ومكان وهي المصدر الوحيد للتشريع في الدولة الإسلامية وليس لمسلم أو مجلس تشريعي أو حكومة إسلامية أن تسن قوانين مخالفة للشريعة الإسلامية, وإنما يجب على جميع أفراد أو جماعات البرلمانات والحكومات الالتزام في كل شؤون الحياة بكل ما جاءت به الشريعة الإسلامية في أصولها وفروعها, ويوم تلتزم الأمة بذلك فإنه سيعود للأمة عزها ومجدها الذي فقد بإهمال الشريعة ونسيانها, والأدلة على وجوب اتباع شرع الله وتحكيمه من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والعلماء كثيرة ونشير إلى بعض منها.


(١) - نظام الحكم في الإسلام د. محمد فاروق النبهاني ص ٤٢٧ وما بعدها وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ص ٢٤٦.

<<  <   >  >>