للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا ورد تشريع جديد وخالف تشريعاً سابقاً وكانت هناك عقود قد أُبرِمت في ظل التشريع القديم فإن التشريع الجديد لا يصب أثره التشريع البدء, ومما يشير إلى ذلك أنه لما اتجه المسلمون في صلاتهم إلى بيت المقدس بتشريع من الحق سبحانه وتعالى ثم أمرهم الله أن يحولوا وجوههم إلى المسجد الحرام، تساءل الناس عن الأجر الذي اكتسبوه من صلاتهم السابقة أهو لهم أم قد ضاع منهم, فقال الحق سبحانه وتعالى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (١).

أما العقود التي لم تزل قائمة تنتج أثرها بناء على التشريع القديم وبقيت تنتج أثرها في ظل تشريع جديد لا يقرها فهذه تلغى منذ صدور التشريع الجديد ولا عقوبة على ما مضى، قال تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا) (٢) فمن كان متزوجاً بامرأة أبيه فليفارقها منذ نزول الآية لأن هذا العقد يتناقض مع أسس النظام العام في جوهره, أما حين يتعارض تعارضاً غير جوهري مع التشريع فلا مانع من إبقائه كإسلام الكتأبي الذي تزوج وهو كتأبي من غير شهود (٣).

وقد درجت أغلب الدساتير على التنصيص على أنه لا تسري أحكام القانون إلا على ما يقع عند تاريخ العمل بها, ولا يترتب أثر على ما يقع قبل إصدارها, ومع ذلك يجوز في غير المواد الضريبية والجزائية النص في القانون على خلاف ذلك وبموافقة ثلثي أعضاء المجلس, هذا هو ما صرح به الدستور اليمني في المادة (١٠٤).

فالدستور قرر قاعدة العمل بالقوانين من تاريخ نشرها والعمل بها وعدم جواز رجعيتها في المواد الضريبية والجزائية, أما ما عدا ذلك فإن الدستور أرجع الأمر إلى مجلس النواب ممثلاً بثلثي أعضاءه في تقرير ما يراه ملائماً في ذلك وتكون القاعدة هو


(١) - البقرة ١٤٣.
(٢) - سورة النساء ٢٢.
(٣) - نظرة القرآن في الجريمة والعقاب ص٩٦.

<<  <   >  >>