للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد يصعب على البعض حملها وأداؤها، فمن ولي شيئاً من أمور هذه الأمة وجب عليه أن يحفظهم وينصح لهم, وأن لا يحأبي في أمر من الأمور, فهي أمانة يجب أن تؤدى إلى أهلها، ولهذا جاء في الحديث النبوي (من استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) (١) , ولا يمكن الوصول إلى من هو الأفضل والأصلح دون استشارة ووضع شروط وضوابط خشية تحمل الأمة من لا تطيق حمله، ولهذا ورد النهي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وورد في بعض الأحاديث بلفظ (لا تسل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكِلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أُعنِتَ عليها) (٢) , والنهي هنا عن سؤال الإمارة إنما هو للكراهة لأن الحرص عليها فيه مظنة طلب الظهور وحبه وفي ذلك تزكية للنفس، وقد ورد النهي عن ذلك في قوله تعالى: (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ) (٣) , إلا إذا عرف الإنسان من نفسه القدرة وأن غيره لا يحل محله فإنه لا مانع من الطلب والتعريف بالنفس أخذاً من قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (٤) , هذا بالنسبة للإمارة ذات الخطر العام والتي فيها معنى الإمارة والولاية وترتبط بمصالح الناس.

ولهذا فإن المناصحة للأمة تقتضي المشاورة فيمن يُختار في الوظائف العامة ذات الخطر العام، ونعني بالوظائف العامة هنا التي نرى ضرورة التشاور فيها ذات الولايات العامة وتتمثل في الآتي: الوزراء وكبار ضباط القوات المسلحة والأمن، وقيادات الألوية والكتائب وأمراء الجند والمحافظون ومدراء أمن المحافظات والولايات، ورؤساء المحاكم سواءً كانت ابتدائية أو استئنافية والمحاكم العليا، وما يقابل هذه الوظائف في الدولة الحديثة وما هو دونها من المناصب الإدارية والقيادية في الدولة المعاصرة بما في ذلك رؤساء وأعضاء مجالس النواب والشورى والحكومة، وما يأتي على رأس هذه الوظائف مثل منصب الخليفة أو الملك أو رئيس الدولة أو الإمام.


(١) - رواه الحاكم في المستدرك من طريق حسين بن قيس عن ابن عباس وقال صحيح الإسناد - كتاب الأحكام - حديث ٧١٠٥.
(٢) - صحيح البخاري - كتاب الإيمان والنذر - باب لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم - حديث ٦٦٢٢.
(٣) - سورة النجم من الآية ٣٢.
(٤) - سورة يوسف الآية ٥٥.

<<  <   >  >>