للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: صلاة الاستسقاء

الاستسقاء: السين والتاء للطلب، يعني طلب السقيا من الله -جل وعلا-، فإذا أجدبت الأرض -كما يقول المؤلف- واحتبس القطر، احتاج الناس إلى المطر، فإنهم يخرجون يطلبونه من الله -جل وعلا-، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومثل هذا لا يطلب إلا من الله {أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} [(٦٩) سورة الواقعة] وعلى هذا ما يدّعى، وما يحاوله بعض الناس من إنزال للمطر هذا كله ضرب من العبث، {لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [(٧٠) سورة الواقعة] ولو كان فيه أدنى محاولة لها حض من النظر لقال كما قال في الزراعة: {لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ} [(٦٥) سورة الواقعة] فهذه إدعاؤها ضرب من العبث، بينما المزارع الذي يقول: زرعت وفعلت وحرثت، ونبت الزرع بسببي، النفي يحتاج إلى شيء من التأكيد {لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ} [(٦٥) سورة الواقعة] بينما إنزال القطر من السماء لا يملكه ولا يقدر عليه إلا الله -جل وعلا-، ولا يتصور أن أحداً يدعيه دعوى مقبولة فلذا لا يحتاج، وفرق بين أن يكون من يسمع الخبر خالي الذهن من الخبر ويصدقه بأول وهلة لعدم المعارض فتقول: جاء زيد، وإذا كان عنده شيء من التردد تحتاج أن تؤكد له أن زيداً قادم، فإذا زاد تردده زدت في التأكيد، فقلت: إن زيداً لقادم، فالقطر بيد الله -جل وعلا-، ويبحثون في مسائل المطر والغيث ما قرره أهل الهيئة من القدم من أن حقيقته أن الشمس إذا تسلطت أشعتها على البحار تبخر الماء من البحار، ثم بعد ذلك إذا لامس طبقات الجو تكثف وصار سحاب، وهذا الكلام قديم ليس بمستحدث من الحكماء القدماء قالوا هذا، وأشار إليه ابن القيم وغيره، وأبو ذؤيب الهُذلي يقول:

شربنا بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج