للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هواءُ بلادها جيداً يموت منهم أكثر مما يموت من الشعوب المتوفرة أبداً على تعاطي الصناعات.

ومن المحق أن من الصنائع ما يضر بالصحة تعاطيه. والمرءُ قد يمرض لأنه استنشق زمناً غباراً

أو أبخرة مضرة مهلكة. ولا يختلف اثنان بأن للعمل العقلي والعضلي شروطاً وأرى أن أنصح للعاملين بما لديَّ من النصائح لأعلمهم أن لا يعرضوا أنفسهم للأعياء والأعنات. ولابدَّ لي أن أقول في فاتحة كلامي لمن اتخذوا الكسل شعاراً أن كل حاسة من حواس الإنسان إذا انصرفت زمناً إلى الراحة تهزل على أن الحاسة التي تعمل على الدوام تحفظ وتزداد وتكمل.

يقول علماءُ منافع الأعضاء أن صرف القوى بالعمل المعتاد يكاد لا يدرك إذا كان قانونياً ويعوض النوم والغذاء ما فقد منها. وأن المرء إذا كان صحيح الجسم وجرى في تدبير صحته على قاعدة معقولة يقوم بعمل يوازي على الأقل يومي العمل المقنن في العادة وهو ما تراه نقابات العملة الآن مغايراً للمعتاد وذلك بدون أن تنفذ قواه. وأرى أن هذه الكمية من العمل هي في الواقع نافعة لقوام البنية الحيوية القانونية.

نشر الأستاذ لاندوزي في مؤتمر السل الأخير خلاصة أبحاثه المهمة التي عُني بتحقيقها هو واثنين من تلاميذه المسيو هنري والمسيو مارسيل لأبي وأورد الصورة التي يغتذي بها في العادة العملة الباريزيون. فدلت تحقيقاتهم على أن معظم العاملين بقوأهم يبذلون تقريباً من الدراهم ضعفي ما يقتدي لغذائهم اليومي وأن انتقاء أنواع الأطعمة كما هو الآن ينافي كل المنافاة قواعد تدبير الصحة الغذائية وهي مبادئُ قلما يعنى بها علماء الاجتماع لهذا العهد.

ومن المحقق بعض التحقيق أن العمل الصناعي إذا قام به المرءُ وعمل فيه التركيب النامي على حد الكفاية لا يستلزم شيئاً من التعب العصبي الكثير لأنه يكاد يجري على وتيرة واحدة بدون وساطة الفكر الاختياري ولا تتعب سوى المصاعب التي لم تنتظر والصعوبات غير المألوفة لأنها تستلزم من القوى تطبيقاً جديداً لتجري نحو غاية تحدث ولم تكن متوقعة فالطعام القليل الذي يسوءُ

انتقاؤُه وكميته هو الذي بتعب الجسم ويمرضه نعم أن الضرر نشأ من الإفراط في استعمال