للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يكون لبغداد هذا العدد الدثر من الأطباء والقاهرة على ما بلغت إليه من الحضارة في هذا العهد لا يتجاوز أطباءها نصف هذا القدر. وقد ذكر ابن أبي أصيبعة أن سيف الدولة بن حمدان صاحب حلب وما والاها كان إذا أكل الطعام حضر على مائدته أربعة وعشرون طبيباً وكان فيهم من يأخذ رزقين لأجل تعاطي علمين ومن يأخذ ثلاثة لتعاطيه ثلاثة علوم.

ونقل المؤلف من كلام لأبي نصر الفارابي في معنى اسم الفلسفة قال اسم الفلسفة يوناني وهو دخيل في العربية وهو على مذهب لسانهم فيلسوفياً وعناه إيثار الحكمة وهو في لسانهم مركب من فيلا ومن سوفيا ففيلا الإيثار وسوفيا الحكمة والفيلسوف مشتق من الفلسفة وهو على مذهب لسانهم فيلسوفوس فإن هذا التغيير هو تغير كثير من الاشتقاقات عندهم ومعناه المؤثر للحكمة والمؤثر بالحكمة عندهم هو الذي يجعل الوكد من حياته وغرضه من عمره الحكمة. وحكى أبو نصر الفارابي في ظهور الفلسفة ما هذا نصه: قال إن أمر الفلسفة اشتهر أيام الملوك اليونانيين وبعد وفاة أرسطوطاليس إلى أخر أيام المرأة وأنه لما توفي بقي التعليم فيها على حاله إلى أن ملك ثلاثة عشر ملكاً وتوالى في مدة ملكهم من معلمي الفلسفة اثنى عشر معلماً أحدهم معروف باندرنيقوس وكان هؤلاء الملوك المرأة فغلبها أوغسطس الملك من أهل رومية وقتلها واستحوذ على الملك فلما استقر له نظر في خزائن الكتب وصنعها فوجد فيها نسخاً لكتب أرسطوطاليس قد نسخت في أيامه وأيام ثاوفرسطس ووجدوا المعلمين والفلاسفة قد عملوا كتباً في المعاني التي عمل فيها أرسطو وتلاميذه وأن يكون التعليم منها وأن ينصرف عن الباقي وحكم أندرونيقوس في تدبير ذلك وأمره أن ينسخ نسخ يحملها معه إلى رومية ونسخاً يبقيها في موضع التعليم في الإسكندرية وأمره أن يستخلف معلماً يقوم مقامه بالإسكندرية ويسير معه إلى رومية فصار التعليم في موضعين وجرى الأمر على ذلك إلى أن جاءت النصرانية فبطل التعليم من رومية وبقي بالإسكندرية إلى أن نظر ملك النصرانية في ذلك واجتمعت الأساقفة وتشاوروا فيما يترك من هذا التعليم وما يبطل فرأوا أن يعلم من كتب المنطق إلى أخر الأشكال الوجودية ولا يعلم ما بعده لأنهم أن في ذلك ضرراً على النصرانية وإن فيما أطلقوا تعليمه ما يستعان به على نصرة دينهم فبقي الظاهر من هذا التعليم هذا المقدار وما ينظر فيه من الباقي مستوراً إلى كان الإسلام بعده بمدة طويلة فانتقل التعليم من الإسكندرية إلى أنطاكية وبقي بها زمناً طويلاً إلى أن