للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يأمن الطير والحمام ولا يأمن آل الرسول عند المقام

فأنزلوه من المنبر وأثخنوه ضرباً بالنعال وغيرها فقال:

إن امرأً كانت مساوئه ... حب النبي لغير ذي عتب

وبني أبي حسن ووالدهم ... من طاب في الأرحام والصلب

أترون ذنباً أن أحبهم ... بل حبهم كفارة الذنب

ومع أنه سب الإمام جهاراً وفي الكعبة وضربه القوم خوفاً من الخلافة فقد دعاه عبد الملك ليستوزره ثم ازدراه لدمامته وقال تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال كثير: مهلاً يا أمير المؤمنين فإنما الرجل بأصغريه قلبه ولسانه فإن نطق نطق ببيان وإن قاتل قاتل بجنان ثم أنشد:

وجربت الأمور وجربتني ... فقد أبدت عريكتي الأمور

وما تخفى الرجال عليّ إني ... بهم لأخو مثابته خبير

ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير

وما عظم الرجال لهم بزين ... ولكن زينها كرم وخير

بغاث الطير أكثرها فراخاً ... وأم الصقر مقلاة نزور

لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير

فيركب ثم يضرب بالهراوى ... فلا عرف لديه ولا نكير

فناشده عبد الملك الأشعار في الإخوان ثم قال: إن كنا أسأنا اللقاء فلسنا نسيء الثواء. حاجتك. قال: زوجتي عزة فأراد أهلها على ذلك فقالوا: هي بالغ وأحق بنفسها فقيل لها فقالت: أبعد ما شبب بي وشهرني في العرب ما لي إلى ذلك سبيل ولعلها أحسنت في التنصل والاعتذار وتلطف فلم تذكر أن سبب امتناعها هو دمامة خلقه.

وبقي كثير مع تشيعه للطالبين مرعي المقام نافذ الكلمة على خلفاء بني أمية مع أنه سبهم ولعنهم في البيت الحرام فإن يزيد بن عبد الملك حينما جاؤا إليه بأسارى بني المهلب أمر بضرب أعناقهم وكان من حسن حظهم أن الأمر صدر بحضرة كثير فقام وأنشأ يقول:

فعفواً أمير المؤمنين وحسبة ... فما تحتسب من صالح لك يكتب