للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العمومية.

وقد انتخب هذا القوم لنفسه شرق أوربا وطناً له كما أن انسباءه السلتييت اختاروا غرب أوربا. ثم تفرق فرقاً فمنهم من أقام في ايليريا وهي بلاد الألبان الآن وبوسنه وهرسك ودالماسيا ومنهم من سكن في مكدونيا القديمة وهي عبارة عن سيروز وولاية سلانيك ومناستر واسكوب ومنهم من انتشر في ثراكيا وهي اليوم ولاية أدرنة وقسم من بلغاريا ومنهم من بقي في آسيا ولم يدخل أوربا وهم الفرنجيون ومكنهم من سواحل الأناضول في البحر الأبيض إلى سيواس وانقرة.

وقد ثبت بالأدلة التاريخية أن هذه الفرق الأربع من أصل واحد إلا أن أهل ايليريا أقرب إلى أهل مكدونيا وأهل ثراكيا أقرب إلى أهل فريجيا لغة وخلقا. وكان يجمعهم اسم (بلاسج أو بلاسغ) في قديم الزمان ويظن بعض علماء اللغة أن كلمة بلاسج مأخوذة من كلمة (بلاق) الألبانية ومعناها الشيخ سموا باسم حكمهم أي مجلس الشيوخ حتى أن أهل الجبل منهم الآن يحكمون مجلس الشيوخ فيما يختلفون فيه ويسمونه (بلاقونيا). ومن هنا يعلم إن هذا القوم العظيم انتشر قبل ألفي سنة من تريتا في بلاد المجر إلى سيواس في الأناضول. أما من كان في الأناضول فقد استولى عليهم الفرس ثم اليونان ثم الرومان فاختلطوا بهم فضاعوا وانقرضوا. وأما من كان في مكدونيا وايليريا فقد زاحمهم البلغار والصقالبة حتى اجتمعوا كلهم واكتفوا بالقسم الجنوبي من ايليريا. وكان هؤلاء لا يختلطون بغيرهم من الأمم ولا يؤَلفون جامعة لهم ولا يخطر ذلك في بالهم بل كانوا يعيشون متفرقين كما هو حال أهل الجبل منهم الآن في جوار دبره واشقودرة ولذلك حافظوا عَلَى لسانهم وعاداتهم وأخلاقهم. ولكن لم يحصلوا من الأدبيات القومية على شيء لفقدان الجامعة بينهم.

اتى عليهم زمن اسس فيه بعضهم دولة فكان منهم حكومة في اشقودرة وأخرى في يانية وثالثة في مكدونيا ومركز هذه بلدة (بلا) على نهر (قره آزمق) قرب بلدة (يكيجه واردار) من توابع سلانيك ومن ملوكها اسكندر المشهور ابن فيليب وهو الباني الأصل والنسب تعلم اليونانية لآدابها في ذلك الوقت فظنه الناس أنه يوناني وأكبر دليل عَلَى أنه ليس بيوناني خطب ذلك الخطيب اليوناني الشهير (ذيموستن) وتحريضه لأهل آتينة وتسميته له في تلك الخطب باسم (بارباروس) أي اعجمي وكانوا يسمون كل من لم يكن يونانياً (بارباروساً)