للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإيطالية أو اللغة الإفرنجية وهي مجموعة من كلمات مقتبسة من جميع لهجات البحر المتوسط من البلاد التي تمتد من سورية إلى مراكش ولا بأس باعتبار اللغة المالطية من هذا الضرب من اللغات وإن أصبح لها صحافة وآداب منذ عهد ليس ببعيد ولكنها لم تعد تحسب لهجة عربية تكون صلة بين لغة مصر والمغرب جامعة إلى نحوها الذي هو كنحو اللغات السامية مفردات إيطالية وبعبارة أصح صقلية في الأكثر وكتابتها لاتينية.

وما عدا هذه اللغات المشتركة البحرية التجارية خصوصاً فقد تألفت في البلاد الإسلامية التي استولى عليها الأوروبيون لهجة عامية دخلتها ألفاظ من لغات الفاتحين واصطلاحات دواوين الحكومة وأرباب الصناعات وهكذا نجد قرارات الحكومة الفرنسوية في الجزائر كانت تكتب زمناً بلهجة محرفة ممزوجة بكلمات فرنسوية نقلها المترجمون بجهل منهم أو كسل فيهم على حالها ولم يعنوا بترجمتها ونرى جند الرماة والمشاة هناك يستعملون لغة هي أحرى بها أن تكون مما تواطأوا عليه بينهم وهي خليط من التعابير الفرنسوية المحرفة كثيراً بحيث يصعب الاهتداء إلى معرفتها غالباً.

ولكن هذا لا يصح على الإطلاق إلا على اللغة المحكية وكتابات من لم يتعلموا. أما اللغة الأدبية التي مست حاجتها كذلك إلى إيجاد تعابير جديدة فقد عمدت إلى طرق عديدة في الاقتباس فبدأت بنقل ألفاظ أوروبية كما هي أو بتعديلها قليلاً حتى توافق التلفظ المحلي وهذه هي الطريقة التي كانت تعمد إليها اللغة العامية ومضى زمن كانت هي المعول عليها أما فكر الرجوع بتلك اللغات إلى أصولها فلم ينشأ إلا في السنين الأخيرة فاللغة العربية الغنية بمفرداتها ولها من الاشتقاق موارد كثيرة فقد عمدت إلى ما في متنها من المفردات فاشتقت منها وكذلك كان من الفارسية وإن كانت لا تستغني بعض الأحيان عن الألفاظ العربية. أما التركية التي افتقرت بتأثير اللغات الأجنبية فيها فقد أخذت بادئ بدء من العربية والفارسية وهي تحاول منذ مدة الاكتفاء بما عندها باستعمال التعابير التترية القديمة التي كادت تتلاشى.

ما هي المؤثرات التي عرضت للغات الإسلامية من اللغات الأجنبية؟ إن أقدم النصوص العربية التي انتهت إلينا هي الأشعار التي قيلت قبل الإسلام والقرآن نفسه لا يخلو من بعض ألفاظ أصلها فارسي. وذلك لأن الصلات بين الفرس والعرب كانت قديمة مستحكمة