للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من يرزق ألف ليرة في السنة.

ومن الإعلان الغريب أن بعض التجار لهم بيوت ولا مخازن بل هم يطبعون إعلانات وينشرونها في قوائم خاصة وعلى صفحات الصحف والكتب والرسائل فيرسل الطالبون بالبريد يطلبون منهم ما يشاؤن من بضائع ومأكولات وهم يرسلونها إليهم بالبريد أيضاً وهذه الطريقة اخترعت في الولايات المتحدة لأن ثلاثة أرباع سكانها يعيشون في القرى والمزارع بعيدين عن مراكز التجارة وأشغالهم لا تسمح لهم بالاختلاف إلى المدن لابتياع ما يشاؤن وبهذه الواسطة يوفرون عليهم عناء التعب والمساومة ويصلهم ما يشتهون وهم في أعمالهم وناهيك بما في هذه الطريقة من تبادل الثقة بين التاجر والشاري وفي شيكاغو وحدها تبيع مثل هذه المحال التجارية في السنة بما قيمته ملياران وخمسمائة مليون فرنك وأن ثلاثة محال منها لتأخذ وحدها كل يوم خمسة وعشرين ألف رسالة في طلب ما يلزم أصحابها. وقد حسبوا أن عشرة ملايين أي ثمن أهالي الولايات المتحدة يبتاعون حاجياتهم على هذه الكيفية.

وأن لأحد هذه المحال التجارية في شيكاغو زبناً يبلغون مليوني نسمة يتناول منهم في السنة أربعة ملايين رسالة وهذه الرسائل لا تفتح واحدة واحدة بل تجعل كل ستين منها في آلة تفتح كلها بلحظة ثم ترسل إلى مئات من البنات تجعل كل قسم مع قسمه وكل طلب مع ما يضارعه وتجعل في لوالب كهربائية لا تقل عن خمسة عشر ألف لولب وترسل في أسرع ما يمكن إلى البيوت التي تقدم للمحل طلباته وهي لا تقل عن ٧٧ ألف نوع فتأتي كلها على جناح البرق بحيث يكون العمل ما أمكن مستغنياً عن الأيدي الكثيرة على أن محلاً واحداً من هذه المحال التجارية التي تبيع بالمراسلة عنده من المستخدمين ٦٢٠٠ مستخدم ولم يكن صاحبه قبل ربع قرن يملك ليرة واحدة وثروته تعد اليوم بملايين الليرات والناس يطلبون إلى محله وإلى غيره من المحال التي على شاكلته كل ما يخطر ببالهم ومنهم من يطلبون أو يطلبن الزواج بواسطته.

وعلى الجملة فإنك لا ترى في ديار الغرب محلاً تجارياً أو معملاً أو مشتغلاً بالفنون الجميلة بل ولا عالماً ولا كاتباً ولا صانعاً إلا وينفق جزءاً من ماله على الإعلانات ليربح المئة مئات وللإعلان يد طولى في عامة الأعمال الصناعية والزراعية والعلمية ولولاها ما