للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثرها إلا تعصباً عَلَى الشرق وغمطاً لحقوقه.

أذكر لكم عَلَى سبيل المثال محاضرتين دعيت إليهما لتعلموا منهما مقدار ما يعده الغرب للشرق ومبلغ حكم أبنائه علينا ولكم بعدها أن تقيسوا حاضركم بحاضرنا وغابرهم بغابرنا وتضحكون بعدها أو تبكون.

فالمحاضرة الأولى كانت في قاعة السوربون الأولى أي كلية باريز وهي المكان الذي جرت العادة أن يكون معهد العاملين للعلم من الفرنسويين فأقامت جمعية آسيا الفرنسوية والجمعية الجغرافية حفلة للاحتفاءِ بأعضاءِ بعثة بليو إلى التركستان الصينية وكنشو بحضور جماعة من أعضاء المجمع الفرنسوي ولم يقل الحضور أقل من ألف وخمسمائة مستمع ومستمعة والمسيو بليو هو في الثامنة والعشرين من عمره طلق اللسان في آية البيان وهو أستاذ اللغة الصينية في المدرسة الفرنسوية في الشرق الأقصى. شرح في محاضرته ما لاقاه في رحلته التي بدأت في ١٥ حزيران سنة ١٩٠٦ وانتهت في الصيف الماضي وأتى عَلَى ما وفق إليه من الاكتشافات الثرية والكتابية وغيرها في آسيا الوسطى مما حفظ لفرنسا شهرتها القديمة في البحث عن الآثار وقال أن التعصب هناك انتشر بانتشار الإسلام في القرن الحادي عشر للمسيح فكان من ذاك التعصب أن أتى عَلَى الآثار بجملتها. وقد قرَّع الشرقيين عامة والمسلمين منهم خاصة أنواع التقريع. أما رحلته فهي كسائر الرحلات العلمية التي يرحلها الغربيون إلى آسيا وافريقية فيكونون مقدمة للفتح والاستعمار وقديماً كان الشاعر يقول السيف أصدق أنباءً من الكتب فإذا أرادت الأمة أن تفتح بلد أخرى ترسل غليها السيوف والبنادق ثم تمهد البلاد بالمعارف أما اليوم فيرسل الغرب رجال العلم يرتادون البلاد أولاً ثم يرسلون مدافعهم وبنادقهم وآلات تدميرهم والأمثلة عَلَى ذلك كثيرة.

وقد ادعى بليو صاحب البعثة والغالب أنه عَلَى حق فيما ادعاه أن ما وفق إلى جلبه من الآثار قد أغنى مكتبة الأمة في باريز بألوف من المخطوطات الصينية ومنها شيءٌ في تاريخ الصين كما أغنى متحف اللوفر الشهير بتماثيل ورسوم ونقوش فأصبحت باريز بذلك عاصمة الدروس الصينية في أوربا ويحق لها أن تفاخر بأن مجموعة ما عندها الآن من الآثار الصينية ليس لها مثيل في الغرب حتى ولا في الصين نفسها قال وغاية البعثة في التركستان الصينية ولاسيما في مقاطعات قاشار وأرومشي البحث عن بقايا التمدن البوذي