للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدرسة كرنيون الزراعية هي التي أوصى أبناء الأعيان وغيرهم التخرج فيها لتخصب بهم تربتنا بعد إجدابها وتملأ جيوبنا بعد فراغها والمال مبدأ كل عمل وفاتحة كل ارتقاءٍ مادي وأدبي.

نحن لا نرقى الرقي المطلوب إلا إذا تعلمنا العلم العملي وزهدنا قليلاً في شقشقة الألسن والنظريات المجردة. ومن جملة المدارس التي زرتها في فرنسا وتأثرت أيضاً بنظامها مدرسة جزيرة فرنسا في مقاطعة الواز. زرتها بدعوة من صديقي مرسي أفندي محمود أحد كتاب مصر فكانت زيارتها وزيارة مدرسة كرنيون من اسعد الأيام التي قضيتها في أرض الفرنسيس وإني أحب أن أقص عليكم قصة هذه المدرسة لتعرفوا الغرض منها فأقول:

قام منذ عشر سنين في فرنسا رجل من رجال الصحافة اسمه أديمون ديمولانس درس طرق الحضارة والتعليم والتربية عند الألمان والإنكليز والأميركان وقابل بين طرائقهم وأخلاقهم وعاداتهم وبين ما عند الفرنسيس منها ووضع لذلك الكتب وكتب المقالات وأنشأ مجلة العلم الاجتماعي التي تدور عَلَى هذا الغرض ومن جملة كتبه سر تقدم الإنكليز السكسونيين الذي نقل إلى العربية فعمت فائدته العرب كما عمت الإفرنج.

وقد وفق ديمولانس صاحب تلك الدعوة بأنه التف حوله أناس من أرباب الغيرة عَلَى ارتقاء بلادهم والاهتمام بمستقبلها فكانوا يعطونه بالمئات لقيان الغرض الذي حاول بلوغه وتربية أبناء الفرنسيس عَلَى الطريقة الأنكلو سكسونية العملية فأسست لذلك ثلاث مدارس كبرى عقيب دعوته الأولى مدرسة بروش أسست سنة ١٨٩٩ باسم جماعة من المساهمين وأخرى في إقليم نورمانديا لجماعة من كبار الصناع منها وأخرى في ليانكور أسست سنة ١٩٠١ وهي التي أريد أن أحدثكم عنها.

ليانكور قرية سكانها نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة وهي عَلَى نحو ساعة من باريز إلى الشمال من مقاطعة ألواز وفيها ما في سائر بلاد فرنسا من أنواع المرافق والرفاهية والمعامل الكبرى الصناعية والزراعة الراقية الغنية بل فيها من دور التمثيل فقط ثلاث دور وقصر الدوك دي لاروشفو كول الواعظ المشهور صاحب الكلمة المأثورة الذي أسس بنك التوفير في فرنسا في أواسط القرن التاسع عشر قامت هذه المدرسة العملية. وقصره هذا في أرض مساحتها مائتا هكتار أي نحو ثلثمائة فدان لم يبق منها إلا دائرة حشمه أما دائرة