للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن خلدون: ولا يلتفت لإنكار هذا النسب لأن إغراء المعتضد لابن الأغلب بالقيروان وابن مدرار بسلجماسة بالقبض على عبيد الله لما سار إلى المغرب وشعر الشريف الرضي في قوله:

ما مقامي على الهوان وعندي ... مقول صارم وأنف حمي

ألبس الذل في بلادي الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي

من أبوه أبي ومولاه مولا ... ي إذا ضامني البعيد القصي

لفَّ عرقي بعرقه سيد الن ... اس جميعاً محمد وعلي

إن ذلي بذلك الجد عز ... وأمي بذلك الربع ري

شاتهد بصحة نسبهم وأما المحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر القداح في نسبهم وشهد فيه أعلام الأئمة فهي شهادة على السماع.

وبدأت دولة الفاطميين من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة وفي أيامهم كثرت الرافضة واستحكم أمرهم ووضعت المكوس على الناس واقتدى بهم غيرهم وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال الساكنين في ثغور الشام كالنصيرية والدرزية. والحشيشية من نوعهم.

وكانت أحوال الحاكم بأمر الله متناقضة فعنده شجاعة وجبن ومحبة للعلماء وانتقام منهم وميل إلى أهل الصلاح وقتلهم وسخاءٌ وبخل بالقليل. لقب نفسه الحاكم بأمر الله ولما زاد ظلمه عنَّ له أن يدعي الإلوهية اقتداءً بفرعون فأخذ يمهد لذلك المقدمات فلقب نفسه الحاكم بأمره وأمر الخطباءَ بأن يقرءوا بدل البسملة (باسم الحاكم المحيي المميت) وصار يدعي علم المغيبات باتفاق اعتمده من العجائز اللواتي يدخلن بيوت الأمراء وعنده من دعاته رجلان أعجميان من دعاة الباطنية أحدهما يقال له محمد بن إسماعيل الدرزي وثانيهما يقال له حمزة بن علي بن أحمد أما الأول فإنه قدم إلى مصر في أواخر سنة سبع وأربعمائة ودخل في خدمة الحاكم ووافقه على إثبات دعوته بالإلوهية وصنف له كتاباً كتب فيه أن روح آدم انتقلت إلى علي بن أبي طالب ومنه إلى أسلاف الحاكم متقمصة من واحد إلى آخر حتى انتهت إلى الحاكم وقرأ هذا الكتاب في الجامع الأزهر بالقاهرة فهجم الناس على مؤلفه ليقتلوه ففر منهم وحدث شغب عظيم في القاهرة ونهبوا بيت الدرزي وقتلوا كثيرين