للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢

موضوعه

قسم المنفلوطي كتابه إلى عشرة فصول: (١) الرسائل العلمية (٢) الرسائل الأدبية (٣) الرسائل الأخلاقية (٤) الرسائل الاجتماعية (٥) الرسائل السياسية (٦) الرسائل الدينية (٧) الدهريات (٨) النسائيات (٩) الروايات (١٠) المراسلات. ويجب أن نذكر هنا قبل كل شيء أن المنفلوطي لم يحسن تبويب الكتاب فقد ذكر مقالة أفسدك قومك في الرسائل الأخلاقية وكان الأولى أن تكون في الرسائل الاجتماعية كما أنه ذكر مقالة مدرسة الغراموفي سبيل الإحسان في الثانية في حين يقتضي أن تكون من الموضوعات الأولى. وأنت إذا أردت أن تنزل هذا الكتاب المنزلة الخليق بها من حيث علاقته بالعلم والاجتماع والسياسة والأخلاق رأيته يضرب في الأخير منها بسهم وافر ويجري منه على عرق.

تقرأ روح الأخلاق في مقالة الكأس الأولى وأين الفضيلة والغني والفقير وعبرة الدهر ومدينة السعادة والرحمة والصدق والكذب والإنصاف وتراه أيضاً يتعرض للموضوعات الاجتماعية فلا يلم بالبحث فيها من عامة أطرافها على حين تستدعي درساً يسلب المرء فيه قراراه ليسقط الناظر فيها على حقيقة ناصعة أو علم جم أو فكر جديد.

يدلك على هذا بحثه عن المجرم في مقالة أفسدك قومك فإنا لا ننكر عليه أنه ذكر فيه ما يفهم منه أنه يحمل الذنب على المجتمع البشري وعلى التربية الأولى وعلى القانون وعلى غير ذلك شأن كثيرين ممن قاموا اليوم في أوربا يحامون على المجرمين ويعدونهم كالبائسين يستحقون الرحمة ويطلبون تعديل القانون الجائر لتخفيف ما ينزل بهم من الويل والثبور. ولو كان المنفلوطي من كتاب الحقائق لتوسع في هذا المبحث وقرأ ما كتبه الأطباء في هذه المسألة لتتم الفائدة.

ثبت مؤخراً بعد الفحص الطبي أن للجناة من نقص ملكاتهم المادية والأدبية استعداداً لما يوقعونه من الجنايات منذ زمن بعيد. وقد فحص بنديكتأحد مشهوري أطباء فينا أدمغة كثيرين ممن يقترفون الجنايات الكبرى فوجدوها بأسرها مأفونة غير تامة التركيب، وهذا الرجل يعد الجنون والجناية صنوان. ويرى رأيه هذا الدكتور بوردي الفرنسوي وقد بحث في أدمغة ستة وثلاثين جانيا حكم عليهم بالإعدام فرأى الناحية الجبهية مصابة والناحية